منيرة حمزة |
في الحالة السورية الحرب غيَّرت كل شيء، فقطعت أواصر العائلة وشتت شملها، وهجَّرت شبابها وبناتها ليصبح الزواج عسيراً على الطرفين خاصة في الغربة حيث لا أهل ولا أقارب تقوم بمهمة الخطِبة.
فكانت المواقع والمجموعات الخاصة بالزواج خياراً طبيعياً لفئة ليست قليلة من الشبان، ونتيجة حتمية أيضًا لمواكبة لتطور التقني والتكنولوجي المسيطر على حياتنا.
فلا بد أنك صادفت يوماً ما، أثناء تصفحك للإنترنت مثل هذا الإعلان الذي يلخص لنا القصة بشكل أوضح “شاب عزب، العمر 27، مقيم في ألمانيا، يعمل مترجمًا، ووضعه المادي جيد، يرغب بالزواج من فتاة سورية مقيمة في ألمانيا، ذات خلق ودين..”
هذا ليس سوى إعلان واحد من إعلانات كثيرة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي في رحلة البحث عن الشريك، تتولى مهمتها عدة مجموعات متخصصة بذلك تعمل همزةَ وصل بين الطرفين.
تلك المنصات لاقت قبولاً لدى بعض السوريين المقيمين في الخارج خاصة التي تخضع لضوابط وشروط جادة وتستهدف الشباب الجادين، رغم أنها قد تكون منصة للتعارف والتسلية فقط، وهذا ما يؤخذ عليها كون العالم الافتراضي واسع يملؤه الغموض والتخفي بأسماء وصفات مستعارة.
الشاب “خالد ٣٢عامًا” مقيم في ألمانيا، كانت له تجربة ناجحة في التعرف على “منال” والارتباط بها عن طريق أحد المواقع الخاصة بالتعارف والزواج، أكد لصحيفة حبر أن الزواج بالنسبة إلى السوريين في ألمانيا بات من الأمور الشاقة على الشاب كونه يريد الارتباط بفتاة من بلده، تفهم عليه وتؤسس معه عائلة، وإحضار أي فتاة من داخل سورية أمر بالغ الصعوبة، فكانت مواقع التواصل الاجتماعي الخيار الأمثل والأسرع بالنسبة إليه ولأمثاله ممَّن يريد الزواج بفتاة سورية.
لكن حالة خالد ومثيلاتها قد لا تعجب الكثيرين من أنصار الخطِبة التي تتم عن طريق الأهل والعائلة، وإن احتاجت لوقت أو مال تبقى أفضل من الزواج عن طريق الإنترنت لما فيها من تجارب فاشلة والكثير من التزييف والخداع والكذب.
الآنسة “نور 28 عامًا” مطلقة بعد عام واحد من الزواج الذي تم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إنها تفاجأت بأمور كثيرة على أرض الواقع لم تكن كما حدثها عنها زوجها السابق، وإن الكثير من الأمور تغيرت بعد الزواج وإحداها عدم الثقة بالطرف الآخر، وهذا ما عانته بنفسها ودفعها للانفصال بعد عام من زوجها.
وبذات السياق أكدت المرشدة الاجتماعية والنفسية (نجاح بالوش) “أن الزواج عن طريق الإنترنت سلاح ذو حدين، ويجب التعامل معه بحذر وصدق حتى يصل المرء إلى ما يريد، وأن هناك قواعد وضوابط يجب أن تحكم الزواج عن طريق الشبكة العنكبوتية حتى لا يكون الشخص فريسة لها، أهمها المكاشفة والمصارحة بين الطرفين والحرص على الصدق وتقديم الحقائق عن كل منهما دون مبالغة أو خداع، وعليه يتوقف نجاح الزواج أو فشله، إضافة إلى النية الجادة بينهما، والأهم أن يعلم الأهل بذلك من قبل الطرفين حتى تستمر العلاقة ضمن الأطر الاجتماعية والأخلاقية المتعارف عليها “.
نستطيع القول إن الحكم على نجاح هذه الوسيلة هو أمر نسبي يختلف من شخص لآخر، كون الزواج مشروع يحتمل الفشل والنجاح سواء تم بشكل تقليدي أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
وعليه فإن الإبحار في مواقع الإنترنت للبحث عن شريك، ما هو إلا تجسيد واقعي لاقتحام مواقع التواصل الاجتماعي لحياتنا دون استئذان، وفرض خياراتها المتنوعة وكسر شيء ما من العادات والتقاليد التي كانت مُسيطرة على الحياة الاجتماعية، وربما الغُربة ورغبة الشباب السوري بالارتباط من السوريات في بلاد اللجوء سبب رئيس لرواج (الخطَّابة الإلكترونية)