محمد نور يوسف |
في ظل توسع دائرة قصف عصابات الأسد على ريف إدلب الجنوبي والشرقي وريف حماة الشمالي، تسارع عناصر الدفاع المدني الوقت لإسعاف المصابين في شتى المناطق المحررة رغم الضغط الكبير عليها بسبب كثافة القصف وكثرة التفجيرات داخل المدن والبلدات، فهل يستطيع الدفاع مواجهة أي تطور خطير قد يحدث في مدينة إدلب، بعد فترة هدوء طويلة نسبياً؟
أجرت صحيفة حبر السورية لقاء صحفيًا مع (مصطفى الحاج يوسف) مدير الدفاع المدني في مدينة إدلب لكي يشرح بدوه حالة الدفاع المدني في مدينة إدلب وأريافها والمدن المحيطة بها في ظل هذه الهجمة الشرسة.
توسعت دائرة قصف مليشيات بشار بشكل متسارع في الفترة الأخيرة وقد تطال مدينة إدلب، فهل أنتم جاهزون لمثل هذا الافتراض؟
“الدفاع المدني جاهز دائمًا وعنده خطة طوارئ، لأنه نشأ في حالة طارئة منذ سنة 2013، ونحن نعمل دائمًا وفق خطة طوارئ.
مراكزنا منتشرة في المناطق المحررة بشكل جغرافي بحيث نستطيع تغطية كافة المناطق المحررة في حال أي تصعيد.”
في ظل عدم وجود القصف على مدينة إدلب ما هي الأعمال التي كنتم تقومون بها طوال الفترة الماضية؟
“قمنا بالفترة الماضية في ظل الهدوء بأعمال خدمية مثل إزالة السواتر الترابية، وقمنا بعمليات زراعة الأشجار في مناطق حراجية، وأنشأنا بضعة حدائق للألعاب أيضاً وقمنا بتزيين بعض الأرصفة.
ونقوم بعمل ندوات توعية مجتمعية على كل المستويات سواء في المدارس والمجتمعات المدنية والأسواق الشعبية أيضاً. الدروس شملت جميع المدارس في المناطق المحررة دون استثناء للطلاب والمعلمين على طرق حماية الطلاب، وقد شملت مدارس ريف حلب وحماة وإدلب واللاذقية.
من ضمن أعمال الدفاع المدني 14 عملاً من بينها عمليات الإنقاذ، والإسعاف والإطفاء، لكن في أوقات الهدوء هناك عمليات لإسعاف المصابين جراء الحوادث المختلفة مثل حوادث السير بالإضافة إلى عمليات الإطفاء والأعمال الرئيسة الخدمية كإصلاح البُنى التحتية من مياه وصرف صحي، بالإضافة إلى أعمال إعادة الاستقرار إلى المناطق المدمرة وإزالة الركام من الشوارع وفتح الطرقات.”
هل عندكم فرق خاصة بالتوعية؟
“نعم ويوجد مكتب توعية في الإدارة العامة تتفرع منه مكاتب توعية في المديرات يتفرع عنه مسؤولو توعية في القطاعات الرئيسة، وهذه المكاتب مسؤولة عن ندوات التوعية وهي موجودة في جميع مراكز الدفاع المدني وتعمل بحسب خطة موضوعة من قبل الإدارة العامة، أهمها طرق الوقاية من القذائف والوقاية من الغازات السامة وطرق الوقاية من الكوارث الطبيعية أيضاً.”
أصبح في مدينة إدلب كثافة سكانية ملحوظة وهذا الأمر يرتب عليكم جهدًا إضافيًا على جميع الأصعدة، فهل تأخذون هذا بعين الاعتبار؟
“نعم في أغلب المناطق يوجد مركز واحد يغطي المنطقة بكاملها، لكن في مدينة إدلب يوجد ثلاثة مراكز للرجال بالإضافة إلى قيادة القطاع ونقطة نسائية لتغطية الحوادث أو الإصابات قدر الإمكان، بالإضافة إلى المؤازرات التي تأتي من المراكز في القرى القريبة.”
هل اقترب القصف من مدينة إدلب؟
“في السابق كان الاستهداف للريف الشرقي لخان شيخون، ومعرة النعمان، ومناطق التمانعة والتح وجرجناز وتل منس والدير الشرقي، ثم اقترب القصف من المدن الرئيسة ذات الكثافة السكانية، مثل مدينة خان شيخون ومحيطها وريفها الغربي، وكذلك مدينة معرة النعمان وريفها الغربي، وقد تركز القصف في الفترة الأخيرة على مدينة سراقب ومحيطها، حتى وصل في اليومين الماضيين إلى محيط مدينة سرمين وهي أقرب نقطة يطالها القصف حالياً قرب إدلب المدينة لأنها تبعد عنها 10 كم تقريباً.”
هل القصف الذي تتبعه عصابات الأسد عشوائي أم مُركز؟
الأماكن التي استُهدفت ويتم استهدافها منذ عشرة أيام حتى الآن أماكن مدنية بامتياز، كل الشهداء مدنيين، ولا توجد مقرات عسكرية ضمن هذه المدن، في خان شيخون تم استهداف فرن للخبز واحترق الفرن بمن فيه من عمال، وتم استهداف وتدمير أكثر من مدرسة للأطفال، فالاستهداف كان للمناطق ذات الكثافة السكانية.”
بحسب مشاهداتكم ما هي أنواع الأسلحة التي تقصف بها تلك المناطق؟
“النظام يستخدم أسلحة كثيرة ومتنوعة في قصف تلك المناطق بحسب المراصد، منها المدفعية 130مم والصواريخ المصرية ماركة الصقر بحسب العينات التي رأيناها وصواريخ راجمة أيضاً، وقد قال لنا المدنيون إن الصواريخ المستعملة مؤخرًا شديدة الانفجار.”
ازدادت كثافة القصف على معظم أرياف إدلب وحماة الشمالي وهي مناطق واسعة، فهل الكوادر والمعدات الموجودة عندكم كافية لتغطيتها؟
“يوجد عندنا دائماً خطة طوارئ، وهذه الخطة نتعامل معها بحسب المعطيات، لكن الخوف الأكبر على الطواقم وسيارات الإسعاف هو من القصف المزدوج أو التفجيرات المزدوجة، لدينا في الدفاع المدني أكثر من 250 شهيد أغلبهم قُتل نتيجة الضربات المزدوجة منذ بداية تشكل الدفاع المدني، والجرحى أكثر من 500 جريح منهم حالات بتر أطراف وإصابات خطيرة، ويوجد حالات تُعالج إلى اليوم في المشافي التركية. منذ أيام أُصيب الكادر بجروح نتيجة الانفجار المزدوج في شارع القصور في مدينة إدلب، وقد أصيب في الرأس الإعلامي في الد فاع المدني والآن يتم علاجه في المشافي التركية.”
هل عندكم إستراتيجية عمل جديدة لتفادي الإصابات نتيجة القصف أو التفجير المزدوج؟
“نحن في الدفاع المدني نذرنا أنفسنا ودماءنا رخيصة لإسعاف المدنيين وإنقاذ أرواحهم، للأسف الضربات المزدوجة لا يمكن تفاديها، نحن لا نستطيع البقاء واقفين أمام جريح ينزف خوفاً من أن تكون هناك ضربة أخرى، وهناك حالات تحتاج إلى إسعاف فوري، عناصر الدفاع المدني يعلمون أنهم قد يكونوا مشروع شهادة في كل ضربة.”
هل توجد أي نصائح توجهونها للمدينين الذين يريدون مساعدة المصابين بعد أي قصف أو تفجير؟
“أولاً ننصح المدنيين بالاحتماء في الملاجئ أو في غرف داخلية أثناء القصف، ثانياً الابتعاد عن أماكن الانفجارات وإفساح المجال لرجال الإنقاذ لأنهم أدرى بطريقة إنقاذ الجرحى، وثالثاً إفساح الطريق لسيارات الإسعاف لأنه قد تتوقف حياة إنسان على بضع دقائق.
المدنيون يشكلون عائقًا إضافيًا على فرق الدفاع، فمساعدة المدنيين بعد القصف أو التفجير تكون سلبية في معظم الأوقات لأنه لا خبرة عندهم لإسعاف الجرحى وإخراجهم من تحت الركام، وقد يؤذون المصاب ويسببون له إصابة جديدة أو نزيفًا إضافيًا بطريقة الحمل، وأيضا قد يتم استهداف المكان مرة أخرى بسبب تجمعهم، إخراج شخص من تحت الأنقاض لا يحتاج إلى عواطف، بل يحتاج إلى عمل أكاديمي منظم ومعرفة تامة بطريقة إخراج المصاب لأنه عملنا”.
بدورنا نشكر الدفاع المدني على عمله الإنساني العظيم في إسعاف الجرحى وإخراج العالقين من تحت الأنقاض، وعلى جهده المتواصل في إعادة الحياة إلى المناطق المتضررة من القصف، وزراعة الأشجار وإنشاء حدائق الألعاب وتزيين المدينة.