تحقيق : بيبرس الثورةتوجهت السيدة فاتن البالغة من العمر 19سنة إلى زيارة أحد الأطباء في حي السكري بناءً على نصيحة إحدى جاراتها التي قالت لها: هناك طبيب ماهر متعدد الاختصاصات، فهو معالج فيزيائي وطبيب عظام وداخلية، ويفهم في أمراض العقم عند النساء أيضًا.توجهت السيدة فاتن التي تعاني من ألمٍ في أسفل ظهرها، وتأخرٍ في الحمل إلى تلك العيادة ومعها قريبتها، وأثناء دخولها أحسّت بالدّوار المفاجئ، وكادت تسقط على الأرض، فقام الطبيب ( م س ) الرقيق القلب بالطلب من الممرضة بمساعدتها على الاستلقاء ووضعها على التذكرة، وقام بسرعة وحقنها بإبرتين في الفخذ، وأخرج الممرضة والمرافقة معها أيضاً إلى خارج الغرفة، وقال لهما: دعوها وحدها قليلاً وبقي معها، وبعد أن استيقظت فاتن من حالة الإغماء أصبح الدكتور يسألها عن حالتها، فقالت له: أعاني من ألمٍ شديدٍ في أسفل ظهري، فقام بوضع يده على أماكن متفرقة من جسدها، خجلت فاتن من تصرف الدكتور فلم تتكلم، واستغربت من هذا التصرف، ولم تنته القصة هنا، بل جلس يسألها أسئلة تتعلق بالحياة الجنسية الخاصة بينها وبين زوجها قائلاً: لا تخجلي، أجيبي بكل بصراحة فأنا طبيب، فأجابت على عدة أسئلة جنسية غريبة صدرت من الطبيب ( م س ) الذي قام بالكشف على بعض النساء وفحصهم نسائيًّا أيضًا. عادت تلك السيدة الصغيرة في السن لتخبر زوجها عمّا حدث معها في تلك العيادة، فقام الزوج بدوره بإخبار المخفر في حي السكري.وبعد عدة شكاوى جاءت من مستوصف حيّ السكري وأفراد اشتكوا من تصرف ذلك الطبيب، كان آخرها إعطاء (حبوب بريدلون عيار 20) لطفل صغير كان سيودي بحياته لولا إسعافه من قبل أحد الأطباء المتخصصين.قام عنصر من لواء العباس بالتنسيق مع لوائه للاقتراب أكثر من هذا الطبيب لكي يكتشف حقيقته، وبدأ بالعمل معه بسرّيّة تامة، حتى وثق به، وبدأ الطبيب ( م س ) بطلب شراء أجهزة للمساج والمعالجة الفيزيائية بمبلغ مليون ليرة سورية، وطلب الحماية والشراكة مع أي فصيل من الجيش الحر مقابل مبلغ خمس وعشرين ألف ليرة سورية يومياً على شكل أرباح، وبدأ بالعمل على كتابة الوصفات الطبية، والطلب من مرضاه ومراجعيه شراء الدواء من صيدلية العباس كون الصيدلية عندها حسم بنسبة ثلاثين بالمئة، لكي يأخذ هذه النسبة من قيمة الدواء المباع، وكانت معظم وصفاته عبارة عن مقويات ومهيجات جنسية وحبوب وحقن مخدرة. كما طلب كمياتٍ كبيرةً من الحبوب المسكّنة، وكان يقوم أيضًا باستبدال الدواء الموجود في الحقن بدواء آخر للتمويه.قام لواء العباس بإلقاء القبض على الطبيب المذكور، وقد تبين بعد التحقيق معه أنه لا يحمل سوى شهادة الابتدائي، ولخطورة هذا الموضوع كان لا بُدَّ من زيارة مديرية الصحة في مدينة حلب المحررة، فكان لـ ( حبر ) لقاء مع الدكتور أبي لؤي رئيس دائرة الطبية الأولية في مديرية الصحة، ووجهت إليه بعض الأسئلة.هل أنتم مسؤولون عن متابعة العيادات الطبية ومراقبتها، وإعطاء التراخيص لافتتاح الجديد منها؟ ومَنْ هو المؤهّل برأيكم لافتتاح عيادة طبيةٍ في المناطق المحررة؟ وهل توافقون على فتح عيادة طبية من دون شهادة تخرج؟ وهل توافقون على افتتاح عيادات من قبل الطلاب الذين لم يتخرجوا بعد؟جزئياً نحن مسؤولون ضمن الإمكانيات المتاحة بالنسبة إلى النقاط الطبية المحدثة، أما بالنسبة إلى التراخيص فلم يتمّ تفعيل قسم خاص بالتراخيص لقلة الكادر عندنا، أما بالنسبة إلى من يحقُّ له افتتاح عيادة طبيّة، فيمكن السماح بمزاولة مهنة الطب للطلاب في السنوات الأخيرة كطلاب السنة الخامسة والسادسة أما بالنسبة إلى الصيدلة وطب الأسنان فالسنة الأخيرة مسموح بها مع مراقبة المؤسسات الصحية الموجودة على عملها.هل هناك سجل لأسماء الأطباء العاملين في المناطق المحررة؟ وإن وجد هل تمّ التأكّد من شهاداتهم.لا يوجد سجل حالياً بسبب تحفظ معظم الأطباء على ذكر أسمائهم الحقيقية.وبعد ذلك قمنا بزيارة المجلس الطبي، والتقينا أولاً الأستاذ عبد القادر هلال، وهومدير تنفيذي في (CEO) في المجلس الطبي في مدينة حلب وريفها، فقال: نحن لا نتعامل ولا نفتتح ولا ندعم أية نقطة طبية إذا لم يكن مديرها طبيباً متخرجاً، ونتمنى أن يكون هناك صيغةٌ متفقٌ عليها لضبط موضوع الأشخاص الذين يدَّعون أنّهم أطباء، ونحن من جهتنا نتعاون مع الجميع إلى أبعد الحدود لحلّ مثل هذه الأمور.وعند سؤالنا الدكتور مصعب عبد الجبار رئيس المجلس الطبي عن رأيه في انتحال صفة الطبيب، قال: أقترح أن يكون هناك لجنةٌ لها صلاحيات تنفيذية تتابع عمل الأطباء، ورخص مزاولة العمل والشهادة من قبل المديرية .وفي النهاية نرى أن إهمال الرقابة على مثل هذه الأمور قد يؤدي إلى مثل هذه الظاهرة غير الطبيعية، ولا تكفي العقوبة بالأشخاص الذين تسول لهم أنفسهم أن يقوموا بمثل هذا العمل، بل يجب على المؤسسات الثورية المسؤولة أن تقوم بواجبها على أكمل وجه، وتراقب العيادات لتتأكد من الشهادات، للحيلولة دون تكرار مثل هذا الأمر.