جاد الحق
لاحظ العلماء أنَّ نجاح الإنسان وسعادته لا ترتبط فقط بذكائه العقلي الخاص بالقدرة على التعلُّم وخزن المعلومات، فتحقيق السعادة والنجاح يحتاج لمهارات أكبر من ذلك تتعلق بإدارة الإنسان لذاته، وتفاعله مع نفسه ومن حوله بشكل إيجابي، وهذا ما أطلق عليه اسم الذكاء العاطفي.
تمثل قدرات الذكاء العاطفي أكثر من 85% من الأشياء التي تميز بين المديرين اللامعين والمديرين المتوسطين.
الذكاء العاطفي هو القدرة على التعامل الإيجابي مع نفسك والآخرين، لتحقق أكبر قدر من السعادة والنجاح لك ولهم.
ولا يعني ذلك أن تكون لطيفا مع كلِّ الناس بكلِّ الأوقات، بل أن تتعلم كيف تضبط مشاعرك وتكيفها، بما يناسب الموقف.
هذا الأمر دفع الشركات والمؤسسات إلى تخصيص المزيد من الميزانيات لتدريب كوادرها على الذكاء العاطفي، فمثلا شركة موتورولا صرحت أنَّ كلَّ دولار أنفقته لتأهيل مواردها البشرية خاصة في مجال الذكاء العاطفي، انعكس عليها بربح 35 دولار.
كيف أصبحُ ذكياً عاطفيا؟
1) استخدم حدسك مع عقلك: الكثير منَّا على جانبي نقيض في اتخاذ القرارات، فإمَّا أن يكون قراره عاطفيا دون أي حسابات عقلية، أو يكون قرارا عقليا دون أي اعتبارات عاطفية، والذكاء العاطفي هو أن تجعل حدسك رديفا لعقلك في اتخاذ القرار، فإذا تساوت الحسابات والمحاكمات المنطقية، اجعل حدسك وعاطفتك العامل الحاسم لاتخاذ القرار.
في استبيان شمل أغنى مئة رجل في أميركا، كلهم أجمعوا على أنَّهم يشركون حدسهم كرديف للعقل أثناء اتخاذ القرار.
2) حفّز الجزء المبدع من تفكيرك: لا تجعل تفكيرك جامدا حبيس القوانين والأرقام، فكِّر خارج الصندوق، وحفِّز إبداعك عبر الرحلات والأنشطة الترفيهية والاجتماعية، والتواصل مع الآخرين، والقراءة المستمرة المنوَّعة، وممارسة الرياضة.
3) قوّيِ صلتك بالله: فالحدس الصحيح شقيق الحكمة، والحكمة سمة الأنبياء والصالحين، ولكي تصبح مثلهم، تشبَّه بهم في سيرتهم، كالعبادة والإيمان والأخلاق، فإنَّ التشبُّه في الكرام فلاح.
4) غامر وخُض دوما تجارب جديدة: الرتابة والحياة الاعتيادية، تقتل الإبداع، والإنسان الذكي عاطفيا دائما يحاول أن يجدد في عاداته، ومظهره، ويجرِّب أشياء جديدة، ويتعرف على أشخاص جدد، وتذكر أنَّ الأفكار الكبيرة تأتيك على شكل انعكاسات على الآخرين.
5) اكتب أهدافك: 3% فقط من البشر هم من يكتبون أهدافهم ويصلون إليها بالنهاية، الإنسان الذكيُّ عاطفيا يستمع لنفسه ويعرف ماذا تريد، إنَّك بكتابة أهدافك كأنك تحاور نفسك لتخرج أفضل ما لديها، وتحفزها لتصل إلى أهدافها، إضافة إلى أنَّ كتابة الأهداف تفرغ التوتر لديك، وتزيد من الحماس والتفاؤل.
6) انتبه للانطباع الأول: أثبتت الدراسات أنَّ الانطباع الأول يتشكل من الثلاثين ثانية الأولى للقاء، و يرسخ في النفس بما يصعب تغييره، احرص على أن تكون هذه الثواني هي الأفضل، انتبه لمظهرك، ولغة جسدك، وكلامك، وأوصل في هذه الثواني المعدودة أفضل صورة عنك.
7) استمع أكثر ممَّا تتكلم: الذكي عاطفيا يعلم حكمة الله من وهبه أذنين، ولسان واحد، وذلك لكي تسمع الآخرين أكثر ممَّا تتكلم، تعلَّم أن تجعل الآخرين يتكلمون، وأن تنصت أنت، بذلك تعرف منهم كلَّ شيء عن أنفسهم، وتقلل بإنصاتك أخطاءك، وفي الوقت نفسه تولد لديهم شعور بالميل نحوك واستلطافك، لأنَّ الناس دائما تحب من يسمعها.
8) أمسك نفسك: الإنسان الذكي عاطفيا متحكم بنفسه، خاصة الانفعالات العنيفة، كالغضب والحقد، وحتى الحب، تعلَّم أن تضبط انفعالاتك، وكيف تعبِّر عنها في الوقت والمكان والكيفية المناسبة.
9) اعمل كفريق: الذكي عاطفيا لا يكون منفردا، ومهما كانت الإنجازات الإفرادية كبيرة، فإنَّها لا تكون بحجم الجماعية، انظر إلى أغلب الناجحين، تراهم قد أسسوا شركات ومؤسسات، أي أنَّهم أسسوا عملا جماعيا استطاعوا النجاح عن طريقه.
هذه أهم الطرق لتكون ذكيا عاطفيا، لكنَّها ليست الوحيدة، ابحث عن طرق جديدة، وإن لم يوجد فابتكر طرقك الخاصة، ولا تنسَ أنَّ النجاح ليس فقط كسب المال، وإنجاز أشياء جديدة، بقدر ما يكون النجاح هو مقدار السعادة التي تعطيها لنفسك، وللآخرين، عبر إنجاز الأشياء الجديدة.
1 تعليق
محمد البدوي
والفطرةُ الســــويّة, والتربيةُ الجيّدة, مع القراءة المستمرة, ومخالطة الأذكياء, تورِثُ ذكاءً متوقّدًا .. 🙂