من لم يسمع بقلبه أنينَ العذاب في سراديب سجون الظلم؟
من لم يدرك جرح أم ثكلى ويتوضأ بنزيف روحها؟
من لم يصغِ لأصداء صراخ المظلومين في غيابات حضورهم؟
لابدَّ ليدٍ تمتدُّ لضميره الغافي علَّها تتلمس بقايا الإنسانية في رحلتهم طالبين للحرية رجالاً حملوا اللواء لرفع كلمة الحق وإيقاظ صوت الضمير الغافي في بعض النفوس،
فتركوا منازلهم وبقوا في مناطق الأحرار السوريين.
تحت الدمار والقصف الهمجي والبراميل القاتلة اختاروا حياتهم، فكانوا قادرين على حمل كلمة المسؤولية لإتمام الطريق.
في مدينة حلب السورية مناطق ما زالت مليئة بالأحرار الشرفاء، ومنهم الأستاذ محمد مصطفى مدير التربية والتعليم.
لم يأبه للموت حين حمل عاتق التعليم على كاهله ساعياً لإنشاء جيل جديد متعلم رغم سوء الظروف.
لكن لم يخطر له ببال أن تأتيه الضربة من رفاق الدرب، وأن يتمَّ اختطافه من قبل أحد الفصائل في المنطقة ذاتها.
بعد اختفائه الأسبوع الماضي في ريف حلب الغربي بين مدينة دارة عزة وبلدة قبتان الجبل برفقة أحد الإعلاميين التابعين للمديرية، ولا سبب معروف عن ظروف اختفائه، وبعد أيام من القلق والخوف، تكشف حركة نور الدين الزنكي على لسان أحد قادتها أنَّ مدير التربية والتعليم في حلب “أ.محمد مصطفى” محتجز لدى الحركة، وسيحوّل إلى القضاء في الأيام القادمة ليحاكم بملفات الفساد والخيانة التي قد ثبتت عليه.
كوادر التعليم العاملة بالريف ذاته لم تقف صامتة تجاه الحدث التعسفي، فوقفوا تضامنا في جلِّ المدارس حاملين لافتات نددوا من خلالها بما سموه “الجريمة” التي ارتكبت بحق مدير التربية التي طالت على حد تعبيرهم كل القطاع التعليمي.
وسيبقى في النفوس سؤال: إلى متى سيبقى الغدر متربص بالأحرار؟ ومتى سنصل إلى سورية حرة بعيدة عن كل الغايات والمآرب؟.