تقرير: فارس الحلبي انخفضت نسبة انتشار الزواج المبكر في سورية أكثر مما كانت عليه في السابق، إلا أنَّها بقيت منتشرة أكثر عند النساء عن مستواها عند الرجال، ومنهم من يفضل أن تبقى ابنتهم في منزلهم على أن تتزوج في تلك الظروف.الزواج المبكر مرتبط بعملية البلوغ، أي عندما يكون عمر الفتاة بين 11 و14 عامرغم ما تمر به البلاد من قساوة الحرب والجوع وكثرة التواجد في المخيمات أصبح الأب والأم بحاجة إلى تزويج فتاتهم وهي صغيرة من أي شخص ذي سكن مريح يخرجهم من هذا المخيم.وأمَّا من بقي في المناطق المحررة من الأهالي فمعظمهم لا يرغبون بتزويج ابنتهم وهي صغيرة بسبب الظروف التي يمرون بها، أو يرغبون بتزويجها إن كان الشاب قادراً على تغيير حياتهم ومساعدتهم.وبحسب أآخر إحصائيات اليونيسيف، فإنّ نسبة 3 في المئة من الفتيات السوريات تزوجن قبل بلوغهن الخامسة عشرة، ونسبة 13 في المئة قبل بلوغهن الثامنة عشرة رغم أنّ الممارسة قد تكون أكثر انتشاراً في المجتمعات الريفية كالمحافظة الجنوبية لدرعا حيث تنتشر التقاليد القبلية إلى حدّ كبير.وليطلعنا على سلبيات وإيجابيات الزواج المبكر التقينا الأستاذ أبو حمزة رئيس جمعية العفاف والتكافل الخيرية بحلب المهتمة بتزويج الشباب.”بالنسبة إلى الزواج المبكر له سلبيات كثيرة، وله أيضا إيجابيات، فأهم سلبياته هي: عدم الاستعداد النفسي للمشاركة مع الطرف الآخر، بينما تكون الرغبة أنانية محضة، ويوجد صعوبة في تحمل الأعباء الاجتماعية والاقتصادية التي تطلبها الحياة، إضافة إلى حرمان الشاب والفتاة من حقهما في إكمال التعليم بسبب هذا الزواج.ولا ننسى جهل الطرفين بمفاهيم الحياة الزوجية، وصعوبة التأقلم مع الطرف الآخر، وتدخل الأهل بالنيابة عن الزوج لعدم قدرته على إدارة بيت الزوجية، وضعف الوازع الديني عن الحياة بصورة عامة.إن هذه الأسباب غالبا ما تتوفر في حالة الزواج المبكر، فيكون عمر الزواج قصيرا وسرعان ما ينتهي بالطلاق.وهناك بعض الإيجابيات التي ترغِّب بعض الناس في السعي نحو الزواج المبكر، وأهمها: حماية عنصر الشباب من كلا الطرفين من السقوط في الرذيلة، والتخلص من هذا البحر الهائج المليء بالفساد، والتخلص من شبح العنوسة الذي يخيم على الفتاة من خلال الموروث الاجتماعي السائد، وحماية الأسرة من كثير من المتاعب والمشاكل الاجتماعية والنفسية، وجلب النفع الاقتصادي من خلال كثرة الأولاد واستقبالهم باكرا، ثم الدفع بهم إلى المعامل وورش العمل، من أجل زيادة الدخل، إضافة إلى العادات والتقاليد القبلية التي ترسخ هذه الثقافة بشكل عام”ويكمل الأستاذ حمزة قائلاً: “صحيح أن شرعنا الحنيف لم يحدد سنا معينا للزواج، إلا أنَّه وضع ضوابط تحفظ بناء الأسرة، إلا أننا بعيدون كل البعد عن الالتزام بهذه الضوابط، لذلك ما نراه من انهيار سريع لأسرنا هو غياب ما أوصانا به ربنا تبارك وتعالى في حياتنا من أجل حياة مجتمعية فاضلة، ومن أجل السلبيات الكثيرة التي تصاحب الزواج المبكر، فأنا لا أرغب به كثيرا، حتى لا نصل إلى دمار الأسرة من خلال الطلاق المبكر أيضا. (فالزواج المبكر يقابله الطلاق المبكر) لظروفه وأسبابه عموما”يقولون: ” اسأل مجرب ولا تسأل حكيم” مثل شعبي قديمالزواج المبكر أبعدني عن الفساد، هكذا أخبرنا سعيد ذو 22 عاماً عن رأيه حول زواجه المبكر:”بدأتُ مرحلة شبابي بعشوائية، قمت بملاحقة بعض الفتيات، وعندما انتبه والدي على تصرفاتي أخبرني بأنَّه سيزوجني ووافقت على ذلك رغم صغر سني، وبعد الزواج وجدتُ نفسي رجلاً متزوجاً، أصبحت أحسِّن كلامي وأخلاقي بين أصدقائي وأهلي وخصوصاً بعد أن أصبح لدي طفل”دمرت حياتي وأصبحت مطلقة رغم صغر سني، هكذا عبرت نادين ذو 21 عاماً عن رأيها بالزواج المبكر”تزوجت وأنا لم أكمل ال 15 عاماً من شابٍ لم يكمل 20 عاماً، بدأت حياتي سعيدة، ولكن بعد فترة أصبحت حياتي جحيمًا، لم يستطيع زوجي الصغير تحمل أعباء المنزل والأطفال، وأصبحت حياتي مليئة بالمشاكل الزوجية، حتى وصلت إلى مرحلة الضرب، لم أستطيع تحمل العيش معه، وطلبت منه الطلاق، فطلقني وأنا الآن أحمل همي وهم أطفالي ولم أرَ السعادة في شبابي”كما حملت نادين أهلها المسؤولية واعتبرتهم أسباب تعاسة حياتها.وفي النهاية يبقى الموضوع مطروحا للنقاش، له مؤيدوه ومعرضوه، في مجتمع تتوزع عائلاته وشبابه وفتياته بين مخيمات اللجوء والوطن النازف قهرا وألماً