عبد الملك قرة محمد |
بينما كان بوتين ينظر إلى ساعته معلناً عن هدنة ستبدأ بعد ساعات في إدلب “عشرون مدنياً ارتقوا في إدلب”.. رسالة واضحة أراد النظام السوري وبوتين أن يوصلها للسوريين الذين ألفوا أسلوبه في إعلان الهدن ونقضها.
فحوى الرسالة: الحل في إدلب لن يكون إلا عسكرياً والدليل على ذلك أنه وبعد ساعات عدة أردف مدير مركز حميميم بإعلان روسيا عن افتتاح معابر إنسانية للمدنيين في إدلب.
إذاً الهدنة لها غايات أخرى وليست نهاية للعمليات العسكرية لا سيما وسط حديث إعلام النظام عن أن الهدنة لن تشمل ريف حلب ولا حتى ريف اللاذقية فإذا عن أي هدنة يتحدث الرئيسان بوتين وأردوغان؟!
الهدنة أساساً بدأت مضطربة لا سيما بعد اختلاف واضح بموعد إعلانها بين كل من روسيا وتركيا وهو ما يعد سقطة على مستوى التنسيق أو ربما تم الاتفاق مع تركيا على شروط جديدة أعلنت تركيا الهدنة على أساسها وقد تكون المرة الأولى التي تعلن فيها تركيا عن موعد الهدنة في إدلب وهو ربما كان سيخلق دافعاً إيجابياً عند المدنيين لولا الحشود التابعة للنظام التي تدفقت إلى ريف حلب الجنوبي والغربي خلال الأيام السابقة.
كلمة المدنيين كانت واضحة في مظاهرات يوم الجمعة “نحن مع هدنة لا يلحقها عمليات عسكرية باختصار نحن مع هدنة لا مع منح استراحة للاحتلال الروسي وجنود النظام حتى يجمعوا قواهم ويعاودوا الهجوم.
تطورات في قانون قيصر ترافق موعد الهدنة
قال المبعوث الأمريكي إلى سوريا، “جيمس جيفري“، اليوم إن واشنطن تعمل على أساليب وتكتيكات جديدة من أجل تنفيذ استراتيجيتها الخاصة في سوريا.
وأوضح جيفري، أن تلك الاستراتيجية ترتكز على ثلاثة أركان، تتمثل في تغيير سياسي كبير في “بنية الحكم” في سورية، وإخراج إيران من سورية بشكلٍ كامل، فضلاً عن هزيمة تنظيم الدولة.
ولا ننسى كيف نصح ترامب بوتين بأن يستمع لأردوغان بما يرتبط بإدلب وكأنه يحذره من تدخل أمريكي قد يقلب اللعبة وميزان القوى.
مواقف ترحب بالهدنة
رحب الدكتور “نصر الحريري” رئيس هيئة التفاوض السورية يوم الجمعة، بالاتفاق التركي الروسي وقال إن ذلك ضروري من أجل حماية المدنيين ووقف استهدافهم ومعاناتهم الانسانية، مشدداً على ضرورة الالتزام به لا أن يكون كسابقه من اتفاقيات وقف إطلاق النار.
بدوره مصطفى سيجري القيادي في الجيش الوطني السوري ورئيس المكتب السياسي في لواء المعتصم قال عبر تويتر “كل الشكر والاحترام والتقدير للأخوة والأشقاء والحلفاء في الجمهورية التركية على ما قاموا به من جهد عظيم في مفاوضات استمرت لعدة أيام، بهدف وقف الارهاب والعدوان الروسي والإيراني والاسدي بحق الشعب السوري، كما نشكر الأصدقاء في الولايات المتحدة الأمريكية على دعمهم للجهود التركية”.
وأضاف “تبذل الدبلوماسية التركية جهوداً جبارة بهدف التوصل إلى هدنة ووقف إطلاق نار في إدلب، وسوف تكون لمدة ٦ أشهر، على أن يتم خلال هذه المدة تنفيذ وتطبيق بنود اتفاق سوتشي، وأبرزها حل هيئة تحرير الشام بالإضافة لما يسمى بحكومة الإنقاذ التابعة للجولاني، وتمكين الحكومة السورية المؤقتة.
وحذر سيجري أن التحركات الميدانية للاحتلال الروسي من خلال القصف الجوي المستمر على أهلنا المدنيين في إدلب الآن والحشود العسكرية للميليشيات الإيرانية وعصابات الأسد تشير إلى نية مسبقة لعدم الالتزام بالهدنة والرغبة بالسيطرة على مزيد من المناطق، والعمل على فصل منطقة إدلب عن منطقة عمليات غصن الزيتون.
صمت الفصائل
ولم توضح الفصائل العسكرية العاملة في منطقة إدلب موقفها من الهدنة الروسية التركية حتى الآن وحاولت حبر التواصل مع النقيب ناجي مصطفى المتحدث الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير لكنه لم يجب عن أي سؤال وجهته حبر واكتفى بالقول “حتى الآن لا يوجد معلومات” وكان هذا منذ إعلان روسيا عن الهدنة أول مرة ظهر يوم الخميس.
رفض الهدنة بصيغتها الحالية
أكد المحلل السياسي والعسكري أحمد رحال لحبر أن “وقف إطلاق النار يجب أن يصاغ بطريقة لا تترك للأطراف فرصة لاختراقه فعندما تعلن الهدنة مع استمرار مكافحة الإرهاب فهذا سيفتح الباب لنظام الأسد وروسيا وإيران لاختراق الهدنة وبالتالي فهذا ليس وقف إطلاق نار بل هو ضحك على اللحى”.
واعتبر رحال أن ما يتم إعلانه هو عبارة عن وقف إطلاق نار إعلامي ولن يطبق على الارض وهو ناتج عن ضغط دولي تمارسه أطراف على أطراف ودول أخرى وما هكذا يكون وقف إطلاق النار بل يجب أن يكون شرطه الأساسي عدم إمكانية خرقه من قبل الأطراف ومحاسبة من يحاول ذلك.
الأستاذ ميشيل كيلو في حديثه لحبر قال: هل توقف القصف؟. نحن اليوم أيضا أمام الخطة التي نعرفها : هدنة لا توقف القصف المدفعي والصاروخي والطيران الأسدي ، هدفها الضغط على الشعب ، وتهجيره وتجويعه ، ريثما تتاح الظروف من جديد للانقضاض عليه بدعم كاسح من روسيا لقضم مناطق جديدة منه .
ويؤكد كيلو أنه ما دامت تركيا توافق على نص هدنة يتحدث عن استمرار المعركة ضد الارهاب لن يكون هناك هدنة حقيقية وتغيير جدي . هذا أيضا خفض مؤقت لإطلاق النار يستغله النظام ولا تستغله النصرة والفصائل لتحضير المعركة القادمة.
صحيفة حبر أجرت لقاءً مع الناشط الميداني إبراهيم رضوان قال فيه إن ما يعلن عنه اليوم الاحتلال الروسي ليس بعيداً عن تلك التصريحات الكاذبة التي يسعى الاحتلال من خلالها لاستثمار الفرص واستغلالها على أفضل الممكن.
و أمام هذه المعطيات -بحسب رضوان- فلا هدنة ولا و وقف إطلاق نار ولا ممكن أن يكون هناك أي شيء من هذا فالاحتلال الروسي يطمح لبسط سيطرته على جميع المناطق المحررة ضمن تكتيك عسكري معروف وهو تدمير كل شيء.
ويضيف إبراهيم أن الهدنة المعلنة ماهي إلا استثمار سياسي قذر لحين إعادة ترتيب العتاد و نقل الأسلحة و أعشاش الذخائر و تأهيل مرتزقة جدد بعد خسارته لراس حربته من المقاتلين على أيدي فصاىل الثورة السورية التي جعلت من ريف إدلب الجنوبي والشرقي مقبرة لمدرعاته والياته وجنوده.
ويشير إبراهيم إلى أن فصائل الثورة قد خبرت هذه المواقف ونعلم تماماً أنهم أصحاب حكمة وها هم بالأمس يقتلون من نخبته ٧٠ بينهم ضباط و يجرحون ٨٠ و يدمرون مدرعات و آليات ويغنمون دبابة و عربات و أسلحة ومعدات كان العدو يحضرها لشن هجوم جديد على معرة النعمان .. ورسالتنا لهم أن اثبتوا على الحق و نحن من خلفكم بإذن الله تعالى ثابتون معكم جنبا إلى جنب نرد العدوان لتحرير الإنسان من الطغيان .
أما مدير الدفاع المدني السيد رائد الصالح فقد أكد لحبر أن الدفاع المدني سيبقى مستعداً لأي طارئ لأن للنظام وروسيا تاريخ حافل بنقض الهدنة كما يعمل الدفاع المدني الآن على تقديم الخدمات في المخيمات وفي كثير من المناطق التي لجأ إليها المدنيون من ريف إدلب كما يشارك الدفاع المدني بمجموعة من الحملات التي تسعى لدعم المدنيين ومساعدتهم.
مهما كانت الآراء حول الهدنة فإن المتفق عليه هو أن روسيا والنظام غير مستعدين للحل السياسي والساعات القليلة القادمة ستكشف صدق نوايا جميع الأطراف فهل يدق عام 2020 توقيت الحل السياسي في إدلب أم أن لساعة بوتين رأي آخر.