سقط حكم البشير إذن، وانتصر المتظاهرون في الساحات محققين التغيير الذي أرادوه، وفي مشهد مشابه لما حدث في مصر اعتلى العسكريون منصة الحكم بعد إقالة الرئيس وبدؤوا بفرض أحكام عرفية وفترة انتقالية.
شهدت السودان أمراً مشابهاً من قبل، كان فيه العسكريون صادقين بتسليم السلطة، وشهدت أيضاً انقلاباتهم الكثيرة عليها. من الصعب جداً الوثوق بالمستقبل إلى جانب العسكر بحسب التجربة العربية عموماً، خاصة وأن فترة انتقالية لسنتين والكثير من الأحكام العرفية وتعطيل الدستور والدولة المدنية عامة، توحي بمحاولة إعادة إحكام الخناق على الشعب مستغلين ثورته.
الجيد في الأمر، وهذا ما يجب أن يستفيد منه السودانيون، أن التغيير قد حدث، والشعب نجح في تحريك المياه الراكدة، تلك هي الخطوة الأولى على أقل تقدير، مما يجعل الخطوات القادمة ممكنة إذا تابع الشعب إصراره وثورته سواء كان العسكر صادقين أم لا …
ربما نحن السوريين نحلم بخطوة كهذه حتى لو كان وراءها الشيطان، لأن مجرد تحريك بيدق بحجم رئيس الدولة، سيعني أن النظام قد اهتز بعنف، وإمكانية إسقاطه صارت أكبر من ذي قبل، والشيطان الذي اتخذ هذه الخطوة قد خسر من قوته الكثير حتى أقدم على مناورة خطيرة كهذه.
السودان اليوم يفرح بنصره، وهو نصر كبير مهما حاول اليائسون أن يقللوا من حجمه، ولكن هذا النصر هو جولة في معركة طويلة لا يجب أن تسكرنا نشوة النصر عن متابعة القتال وحراسة الجبل، وإلا فالالتفاف من الخلف هو أكثر ما يجيده العسكريون والخيالة، مُبارك للشعب السوداني، ونسأل الله فرجاً قريباً لسورية يكون أكبر من إطاحة العصابة الحاكمة برئيسها.
المدير العام | أحمد وديع العبسي