علي سندة |
يتناقل جزء من السوريين المقيمين في تركيا تخوفات من الانتخابات المزمع عقدها غدًا الأحد، وذلك نتيجة استخدامهم من قِبل المعارضة التركية، كما جرت العادة في كل استحقاق انتخابي، ورقة ضغط لكسب تأييد الناخبين من خلال تتبع السقطات واستخدام التعميم وحتى الافتراءات. فماهي الانتخابات التي ستجري غدًا؟ وما تأثيرها على الحكم في تركيا؟ وهل ستأثر على وجود السوريين في تركيا في حال كسبت المعارضة جولة الانتخابات؟
تشهد تركيا يوم غد 31 آذار/مارس انتخابات محلية، حيث سينتخب الشعب التركي ممثليه في البلديات وصولاً إلى مخاتير الأحياء. ويتنافس فيها 12 حزبًا سياسيًا مع استمرار وجود (تحالف الجمهور) الذي يضم حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحزب الحركة القومية، و(تحالف الأمة) الذي يضم حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد.
إن هذه الانتخابات بطبيعتها ليست مُتعلقة بتغيير الحزب الحالي الحاكم لتُركيا كما يظن بعض السوريين المتخوفين من الانتخابات في حال كسبت المعارضة الجولة، إنما هي سباق بين الأحزاب على البلديات لتقديم أفضل الخدمات للشعب وهي لخمس سنوات قادمة، وبالتالي لا يوجد تغيير في الحكومة الحالية، وما تستخدمه الأحزاب المعارضة بحديثها حول السوريين لا تأثير له على وجود السوريين، فلا خوف من ذلك مهما كانت النتائج غدًا.
لكن هذه الانتخابات الخاصة بالإدارات المحلية لا تنفصل عن الجانب السياسي، لأن نجاح البلديات في تقديم الخدمات سبب رئيس لإقناع الشعب في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وبالتالي هي البوابة الأولى في الإقناع نحو الوصول، فعلى سبيل المثال حزب العدالة والتنمية أثَّر بخدماته الكبيرة على الشعب عندما تسلم رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، فوصل بموجب خدماته التي قدمها لكل الشعب التركي إلى سدة الحكم في الانتخابات البرلمانية سنة 2002 ليفوز بعدها بـ 17 جولة انتخابية متنوعة لم يخسر بواحدة قط.
ونتيجة الضغوطات التي تمرُّ بها تركيا خارجيًا خاصة في سورية، ورؤية حزب العدالة والتنمية البعيدة في استمرار خطته حتى عام 2023 نجد أنه أولى اهتمامًا كبيرًا لهذه الانتخابات، فقد أجرى الرئيس أردوغان 50 تجمعًا جماهيريًا خلال شهر، وقدم أسماء كبيرة لأهم البلديات التي تُشكل نقطة الثقل في التأثير على الشعب وهي إسطنبول وأنقرة وإزمير، حيث نجد رئيس الوزراء السابق (بن علي يلدرم) مرشحًا لبلدية إسطنبول.
إن ورقة السوريين التي تُشهر قَبل كل استحقاق انتخابي في تركيا أصبحت من برنامج الحملة الانتخابية لدى المعارضة لكسب الأصوات عن طريق تأليب الشعب على الحكومة وإيصال فكرة مفادها أن السوريين نتيجة الميزات التي تقدم لهم جعلتهم في تركيا مواطنين من الدرجة الأولى والأتراك درجة ثانية، وهذا اللغط دائمًا تفنده الحكومة عبر كافة وسائل الإعلام.
وإلى جانب التضليل من طرف المعارضة وتهويل ما يفعله السوريون ثمة أخطاء كبيرة وعدم استماع ومراعاة لسد باب الذرائع على المعارضة من قِبل السوريين أنفسهم، إذ ثمة جزء من الأتراك يتذمرون من كتابة السوريين باللغة العربية على واجهات محلاتهم وسياراتهم ومنتجاتهم، وصدر توجه بمنع ذلك، لكن مع الأسف لا يوجد تعاون من قِبل السوريين حيال ذلك، ما دعا مُرشحة الحزب (الجيد) في منطقة الفاتح بإسطنبول إلى التطرق لذلك فضلاً عن تصوير كتابات باللغة العربية من قِبل ناشطين معارضين وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لزيادة التأثير، والأمثلة كثيرة.
الانتخابات التركية شأن داخلي بحت، لذا علينا ألا نكون بوجودنا عاملاً سلبيًا، فالتعاون في سد الذرائع أمر مهم، وكذلك تجنب المهرجانات الانتخابية، والابتعاد عن المراكز الانتخابية، مُتمنين لتركيا كل الخير فيما تنعم به من انتخابات حرة نزيهة على أمل أن نعيش مثلها في بلدنا سورية.