موسى الرحال
يحتفل العالم بالأسبوع الأول من شهر نيسان فرحا بإيجاد دواء للأمراض التي تهدد الإنسانية خلال العام، بينما يبقى مرض مستفحل يعجز عنه الطب في العالم أجمع هو الجرثومة بشار الأسد الذي يمشي في عروق السياسة الدولية ويغذي بها ورم الفيتو الروسي الذي يعترض كلَّ الإجراءات الدولية ضد نظام الأسد، ولأنَّ الصحة تشغل جزءاً واسعاً من حياة الإنسان، فقد أعلنت جمعيّة الصحة العالميّة عام 1948 تكريس يوم خاص بالصحّة لأهميتها هو اليوم السابع من نيسان، اعتُمد في هذا اليوم إطلاق شعارات تتعلق بالأمور الصحية وبما يتصل بمجال الصحة، ويتم مناقشتها وتسليط الضوء عليها والبحث في سبل العلاج، ومن بين الشعارات التي انطلقت استئصال شلل الأطفال عام 1995 بالإضافة إلى يوم المدن الصحيًة لحياة أفضل عام 1996 بالإضافة إلى شعار المستشفيات الآمنة التي تنقذ الأرواح، ومع انطلاق الثورة السوريّة تحول الشعار السابق من المستشفيات الآمنة إلى المستشفيات المدمرة، وتردَّت الصحة في سوريا بسبب إجرام نظام الأسد واستهدافه لجميع المشافي في سوريا، فيوم الصحة العالمي يستثني الشعب السوري، لأنَّ القصف والقتل قد سلب منهم حياتهم وصحتهم، ومع بقاء الأسد لا يمكن أن تكون حياة للسوريين الذين رفضوا الخنوع والركوع لهذا الجلاد الذي يفتك بشعبه قتلاً وتدميراً.
تابع نظام الأسد سياسته القمعية ضد شعبه الثائر مستخدماً جميع الأسلحة المحرمة دولياً، لكن دون جدوى، فمن خرج ضد جلاده لن يستكين مهما نُكِّل به.
عام 2017 وفي الأسبوع الأول من شهر نيسان وقبل أيام من يوم الصحة العالمي، انعدمت الحياة في ريف إدلب بعد أن استهدفت براميل السارين مدينة خان شيخون، وكأنَّ نظام الأسد يطلق شعاره المعتاد لا للحياة في سوريا، نعم للقتل والتدمير، فتلونت سماء خان شيخون باللون الأصفر القاتل، وتحول أكسجين الحياة إلى سارين الموت، ليختطف حياة أكثر من مئة شهيد مدني أكثرهم أطفال، لم يكن بوسع الأهالي إنقاذ بعضهم بعضا لانعدام الآليات وتردي أوضاع المشافي في مدينتهم وعدم وجود معدات صحيّة تنقذ حياة المصابين، فلا شيء يجدي نفعاً مع السلاح الكيماوي، فقد انتقلت بعض الحالات إلى المشافي التركيّة، لكن استشهدوا بعد أيام من انتقالهم متأثرين بإصاباتهم بهذا الغاز السام.
لم تكن ضربة خان شيخون الكيماوية جديدة العهد من نظام الأسد، فأفجع ضربة كيماوية كانت عام 2013 حيث ارتكبت الطائرات الحربية مجزرة بحق أكثر من ألف مدني في الغوطة الشرقية في ريف دمشق بعد استهدافها ببراميل الكلور السام.
لم يكترث المجتمع الدولي للضربة على خان شيخون، ولم يهتم لحياة السوريين، فست سنوات من القتل والتشريد والعالم يشاهد ويكتفي بالاجتماعات الفاشلة، وفي الضربة الأخيرة لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا، بل اكتفى بعقد الاجتماعات الطارئة بسبب الشكوك حول منفذ الهجوم على ريف إدلب، أهو طيران سوري أم روسي، واحتفل بعيده العالمي الأبيض، واكتفى السوريون بالسارين الأصفر.
لا تزال حصيلة الشهداء في خان شيخون بتزايد مستمر في المشافي التركية بسبب كثرة الإصابات وجلهم أطفال ونساء، ويسعى نظام الأسد جاهداً لإبعاد أصابع الاتهام الموجهة إليه، لكن الدلائل والمباحثات تشير وتؤكد أنَّ طيران النظام هو المنفذ للهجوم، وأنَّه المسؤول عن هذه المجزرة الفاجعة.
تختلف أساليب القتل والموت واحد والقاتل واحد، ولا يمكن لأحد أن يقف لجانب السوريين سوى عزيمتهم وإصرارهم على نيل الحريّة مهما دفعوا ثمنها غالياً، فالحرية التي خرجوا من أجلها أغلى من الحياة كلها، ولا ضير في استمرار المقاومة حتى لو استمر الأسد بارتكاب مجازره المشبعة بالصمت الدولي.