المعتصم الخالدي |
التقت صحيفة حبر بالروائي والمفكر وكاتب السيناريو والرأي، الفنان السوري المعارض (خيري الذهبي)، للوقوف على عدة مسائل مهمة متصلة بالتاريخ والسياسية والثقافة والثورة، فكان الحوار التالي:
كيف يرى خيري الذهبي النتاج الثقافي العربي بعد ثورات الربيع؟
“النتاج الثقافي العربي مضطرب جدًا ولا يجد هوية بعد، وغير متزن؛ بسبب اضطراب الواقع السياسي والاجتماعي، إذ ينبغي أن نميز بين واقع ثقافي في البلاد العربية، وبين واقع ثقافي يعيشه المثقفون العرب خارج البلاد العربية، وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة من مثقفي سورية ومصر ولبنان والعراق فلسطين وليبيا واليمن، دون أن ننسى مثقفي المغرب العربي الذين سبقونا إلى الغرب زرافات طلبًا لحق التعبير وحرية الإبداع.
لذلك نجد فجوة بين الداخل والخارج، الداخل مايزال يعيش في غيبوبة وغياب عن الواقع وحرية التعبير، وأنا هنا أتحدث عن سورية بلدي، حيث لا يمكن أن يُكتَب أي عمل روائي أو شعري أو قصصي أو سينمائي أو عمل نحتي او تصويري، دون التدقيق في المرجع السياسي الذي يطغى على كل الأفكار، والحديث في السياسة الحقيقية ممنوع ومحجور، كما نعلم ويعلم الجميع، لذلك فإن الحال يرثى له جدًا، رغم محاولات بعض الأصدقاء القدامى في الداخل من ترويج صورة الطاغية وإبدال الحقائق وإلباس الجريمة لبوسًا أيديولوجيًا أو إدخالها في منطق الصراع بين القوى، إلا أنهم يعانون من حالة خصاء شاملة، خصاء إبداعي لا يمكنهم الفكاك منه قبل نطقهم الحقيقة، التي يجب أن يرددها الشجر والبحر و البيوتات الدمشقية ورايات البحر في الساحل وقلعة حلب وفرات الجزيرة السورية، تلك المقولة التي يرفضها مثقفو السلطان في الداخل (ليس كلهم طبعًا، وليس كل من بقي في الداخل من مثقفي السلطان طبعًا) المقولة التي تفيد بأن: (أذني الملك طويلتان.. يالها من حقيقة بسيطة وصعبة جدًا عليهم)
وبرغم كل محاولات التضليل التي شنها نظام البعث ضد الحقيقة منذ السبعينات، وهي واحدة من أشد أزمات المثقفين السوريين الذين شكلوا سدًا أخلاقيًا، وواجهة عنيفة ضد النظام حتى لو كان سدًا من ورق، برغم كل محاولاته في تزوير حقائق شنيعة ويجب على الجميع إدراكها، مثل هزيمة 1967، التي يتحمل حزب البعث مسؤوليتها، مجريات أحداث حرب 1973، والهزيمة هناك، ما حقيقة معارك حرب 1982، ماذا جرى في حماة وحلب؟ ماذا يجري في تدمر؟ لماذا ولماذا أسئلة بالآلاف يمكن أن يوجهها السوريون لنظام حكمهم نصف قرن، وكان حجابًا بينهم وبين العالم، كان حجابًا بينهم وبين الحضارة، وبين الحقيقة، لم يفعل النظام أي شيء آخر سوى تأخير الحياة وإبطائها في سورية على أمل ألا يأتي يوم وينفجر الناس في وجهه وهذا ما حصل.”
ما رأيك بالنتاج الثقافي للثورة؟ وكيف تعقِّب على مواقف بعض المثقفين منها؟
“النتاج الثقافي للأمة يتمثل في مجموع الإبداع المنطوق والمتواتر والمكتوب والمصور لهذه الأمة، وما حصل بعد انطلاق الثورة، هو انفجار المياه التي كانت محجوزة خلف سد القمع البعثي المستمر منذ نصف قرن، فانطلقت تجارب بالآلاف متنوعة، منها الثمين ومنها السريع ومنها المتسرع، عشرات الآلاف جربوا أن يكتبوا وأن ينتجوا أفلامهم وأن يغنوا وأن يعزفوا أو يقوموا بالتمثيل.. إلخ، وأغلب تلك التجارب كانت فردية أو ذاتية، وليست تبحث في الشأن الجمعي الخطير المشترك بين السوريين، العميق، الذي يحلل ويفند ويفسر أو يقدم تصورات لما نحن مقبلين عليه، كل ما أنتج ثقافيًا كان لتفسير وتبرير ما حدث، كأننا متهمون ونريد أن نثبت أننا كنا ضحايا للقمع، وهو أمر مشروع وضروري لغاية التوثيق والتأريخ لما حصل لهذا الشعب طوال نصف قرن من القمع، ولكن أيضًا نحن بحاجة جهد ثقافي فلسفي وبحث اجتماعي يقرأ مجتمعنا ويحلل أصر التشابك والاشتباك التي حصلت، وكيف استطاعت عصبة من المتحكمين بالدولة أن تسير المجتمع نحو تصادم تاريخي خطير وغير مسبوق، هنا تكمن الكارثة وهنا يكمن العمل الثقافي المهم، تارة بالمسرح وتارة بالسينما والأهم في البحوث الاجتماعية والدراسات السياسية والتحليل الفلسفي السياسي، نحن بحاجة ( جان جاك روسو) سوري، يكتب عقدًا اجتماعيًا لسورية، وربما نحتاج ( جمال حمدان) سورية، يكتب كتاب (شخصية سورية) وربما نحتاج مجموعة كبيرة من العلماء الحقيقيين، لكتابة (وصف سورية) نحن بحاحة للتعرف الحقيقي على سورية تاريخيًا و ثقافيًا، يجب أن نعرف الأرض التي نقف عليها، وربما نحتاج تحليلًا جماعيًا (DNA) السوريين؛ لفض الاشتباك القومي الذي يختلف حوله الجميع في سورية، وعليه قامت الأحزاب القومية والدينية التي فتكت بسورية وبشعبها.
النتاج الثقافي للسوريين مهم جدًا و مُبشِّر، وهو في أفضل حالاته، لكننا نحتاج أضعافًا مضاعفة من هذا الجهد الذي يجب أن يوجه نحو نقاط معينة كما أسلفت، ولكن في فترة ما بعد الثورة أنتجت في سورية روائع الكتب والأبحاث، على أيدي الكثيرين.”
ما الدرس الذي أخفقت الثورة السورية في تعلمه من دورة التاريخ؟
“الثورة السورية ثورة اندفاع هائل، والمندفع لا يفكر، وكم كنا بحاجة للتفكير والالتزام، لقد نسينا أنها لعبة إعلامية، لتقديم صورتنا للعالم الذي ينتظر معرفة من نحن، بعد أن رفع رأسه عن تقارير مشوهة أرسلها النظام ضد الشعب للأمم المتحدة وحكومات العالم، وساهم في تشويه الصورة، والكثير من المثقفين الذين أطلقوا رصاصهم المطاطي على الثورة، بعد أن أنكروها بحجة خروجها من المساجد.
الثورة ثورة أخلاق قبل أن تكون ثورة لإسقاط النظام، الثورة هي تغيير واقع بواقع، وتغيير النظام الاجتماعي قبل السياسي، لقد أفسد النظام المجتمع السوري، وأغرقه في الرشوة و الفساد الإداري والكذب، وكان المطلوب السيطرة على نقاط الضعف هذه، وإدراك أنهم سيقومون بضرب الحراك الديمقراطي عبرها، فتعثرت ثورة السوريين نحو الديمقراطية، عبر عدم إدراكهم ضرورة مخاطبة العالم بصورة حضارية، وبالسقوط الأخلاقي، وما تقارير السرقة والاختلاس والنهب والفساد في المعارضة إلا انعكاس لما فعله النظام عبر 50 عامًا.
كي تنجح الثورة، يجب أن ندرك أنها ثورة الجميع، ونحن لسنا محور مصالح الكون، أضف على وجود مصلحة لنا كشعب سوري، لدى الآخرين مصالح لدينا، ومصالحهم تلك هي التي استغلها النظام وبنى عليها انتصاره في الحرب، ولو أن النظام بذل مجهودًا في مصالحة شعبه وإرضائه الطاقة نفسها التي بذلها لإحباط انتفاضة شعبه لكانت الأمور في مكان آخر تمامًا.”
هل أنصف التاريخ العرب؟ وبماذا أخطأوا؟ وكذلك الثورة السورية؟
“التاريخ يكتبه المنتصرون، والعرب منهزمون منذ قرون، ومن يهزم لا يحق له كتابة التاريخ، هذا عُرف حضاري، التاريخ هو غنيمة المنتصر، ورفاه الغالب، العرب لم يفكروا في بناء الدولة بقدر ما كانوا مشغولين في التحليل والتحريم والصراع على السلطة، العرب يتصارعون على السلطة منذ وفاة الرسول الكريم، ومايزالون.. هاهنا تتجسد الديمقراطية والدستور المحدد للسلطة كحامل للحل الأمثل؛ لإنهاء الصراع على السلطة لدى العرب وكافة الشعوب التي تعيش في كنفهم من كرد وترك وفرس وأرمن وشركس.. وغيرهم، الديمقراطية التي تمنح الشعب حق اختيار قادته وضمان حقوق الأقليات والعدالة للجميع، هي الحل الوحيد للعرب، ومن بعدها سيبدأ التاريخ، الذي يتحمل كتابته بجزء منه المثقف نفسه، وهذا ما ذكرته في رواية (صبوات ياسين) حيث ركزت على سيرة المثقف الذي يعيش أزمته الوجودية بين نسختين من التاريخ: واحدة دجّنتها السلطة، وأخرى أفلتت لتحلم بثقافة كونيّة تمثل الوجود الانساني الحر، المتنافي مع متطلبات الطغيان.”
في التاريخ كان هناك مشاريع للممالك الصفوية والسلجوقية.. هل ترى اليوم أن تركيا وإيران تحاولان إحياء هذه المشاريع كما يتهمهما البعض؟
“الصراع في الشرق الأوسط سياسي وليس طائفي، وهو صراع مستمر منذ آلاف السنوات، صراع لمد النفوذ، الترك والفرس جيراننا ولا يمكن نكرانهم، ولكن الجيرة لا تفترض إلا حسن الجوار، صراع النفوذ التركي الإيراني على الأراضي السورية يتقاطع مع النفوذ الروسي ومحاولاتهم لفرض مشاريعهم على سورية، بينما المشروع العربي الذي تنتمي إليه سورية تاريخيًا مغيب، وما المشروع الفارسي والصراع مع اليونان منذ عهد الإسكندر إلا جزء من هذا الصراع على العراق والشام رغم اختلاف حكام خراسان من كسرى وغيره، كل من حكم بلاد فارس حاول السيطرة على العراق والشام، وكذلك الأناضول عبر حكامها الروم وبعدهم السلاجقة و بعدهم العثمانيون فعلوا، ومصر الفرعونية كذلك هل نذكر معركة قادش مع رمسيس، وعرب شبه الجزيرة كذلك.. سورية مركز ثقل المنطقة، وهي بوابة أوروبا بالنسبة إلى الحضارات الصاعدة، وبوابة الشرق والجنوب كذلك، لكن أين السوريون من كل هذه الصراعات؟ إنهم غائبون، تتخاطفهم المجازر والدمار عبر العصور، لذلك لا بد من دولة قانون تحمي مواطنيها كي ينصروا تلك الدولة السورية التي نريدها أن تكون، بعيدًا عن طموحات الآخرين، أين طموحاتنا؟ أين دولتنا التي لا تستعين بأحد من هؤلاء على شعبها؟ التاريخ يعلمنا أن الدول تقوم على تضحيات أولادها وتقوم حينما تحفظ الدول مصالح شعبها، لا تعنيني طموحات إيران إسلامية كانت أم علمانية، ولا تعنيني طموحات تركيا علمانية كانت أم إسلامية، ولا تعنيني روسيا شيوعية أم متدينة، ما يعنيني أن تعود سورية لوضعها الطبيعي، ويعنيني أن يفسح التاريخ المجال للشعب السوري كي يختار الأفضل لمستقبله، أن نستطيع حماية زنوبيا الجديدة التي ستبني دولة سورية السورية، وليس دولة سورية الروسية أو التركية أو الإيرانية، زنوبيا بنت دولة سورية في تدمر وهذه الدولة دُمرت؛ لأنها أرادت أن تكون مستقلة، دُمرت، لأنها لا تتبع أي دولة، لذلك ليخرج الجميع من بلدي وليحاسب المجرمون ولتتحقق العدالة التي ستأتي بزنوبيا جديدة لحكم سورية التي سنلتفُ حولها جميعًا..
في رواية (الأصبع السادسة) حاولت التركيز على سمة، أننا نحن من في سورية نعيش في بلد تاريخي، وليس في بلد حقّق جغرافيته السياسية يومًا، فبلاد الشام كانت دائمًا بلدًا ملعونًا كلعنة البلقان، وهما إقليمان مزّقتهما الجبال والوديان والبوادي والموقع الإستراتيجي المغري بالتسلط عليه، فالمُتسلِّط عليه يتسلّط على المحيط من خلاله.
وإذا ما فكرت يومًا في قراءة التاريخ السوري، فأنت أمام شكلين من الجغرافيا المؤرّخة، فإما دويلات المدن: آرام دمشق، وآرام حماة، وآرام يمحاض “حلب”، وإما أن تقرأ تاريخ الدول الإمبراطورية الكبرى التي تحتوي الشام في إمبراطوريتها “آشور، الإخمينيين، الفراعنة، ثم السلوقيين، واللاتين، والبيزنطيين، ثم وأخيرًا الإمبراطوريات الإسلامية.
والبعث الذي كان يرفض النظر عند موطئ أقدامه أصرّ على أن نعرف عن جنوب السودان أكثر ممّا نعرف عن دير الزور، والحسكة، وكان الفضل الكبير للثورة الآن أن أخذت بتعريفنا على الجغرافية السورية، فصرنا نعرف عن إدلب وعن عامودا، عرفنا أسماء القرى والجبال الصغيرة والبلدات، يجب أن نعرف أنفسنا قبل أن نقفز إلى المستقبل، في (الأصبع السادسة) نرى خيبة أمل الناس بعد انسحاب جيش (محمد علي) من سورية و خذلان حلم دولة (إبراهيم باشا) المتصلة والمتقربة من الحضارة الغربية وقتها، نرى خيبة أمل الناس بعد عودة العسكر القديم الذي لم يفهم رغبات الناس بالحرية و التغيير، كل هذا يحدث اليوم مجددًا في سورية، وكأن شيئًا لم يتغير.
هل ترى كونك مؤرخ سوري بأن الكرد ظُلموا في التاريخ البعيد والمعاصر؟
“الكرد مكون أساسي من الشعب السوري، وهم موجودون في كل مكان من التاريخ ومن الجغرافيا السورية، ومظلمتهم تتساوى مع مظلمة العرب في سورية، فالكل عاش بلا حرية متفاوتة القرب، وبعضهم كذلك ارتكب الأخطاء ذاتها التي ارتكبها العرب، صراع على السلطة وسوء تقدير دائم، ومن هنا قدمت الثورة الفرصة التاريخية للأكراد السوريين أن يتحصلوا على كافة حقوقهم وأن يعيشوا حياة كريمة في بلدهم الذي اختاروه، من غير المهم إثبات أو نفي وجود دولة كردية في السابق، حيث إن العدالة تمنح أي مواطن سكن الأرض ورغب بالانتماء إليها وقدم لها ما يستطيع، حق الجنسية والحق في الحياة والعمل والتنقل، والأكراد موجودون في سورية طبعًا منذ فترة تخولهم الحصول على حق المواطنة الكامل والشامل المساوي لأي مواطن عربي ودون أي مِنة أو فضل من أحد، لقد زرعوا الأرض و عمروا و ساهموا في بناء بلدهم وهذا كافٍ، ارتكبوا الأخطاء مثلهم مثل غيرهم، لكن المواطنة السورية تفرض عليهم التفكير بجميع السوريين وليس فقط في أنفسهم، وهذا مأزق القيادات الكردية الانعزالية، التي يرغب بعضها في الانفصال وبعضها في الفيدرالية، هل استشاروا بقية السوريين؟!”
ماذا علينا أن نتعلم من التاريخ ودروسه وخاصة بما يحدث اليوم في عالمنا العربي؟
“التاريخ يعلمنا كل شيء ولكننا لا نقرأ التاريخ، الأجيال الجديدة لديها نفور من التاريخ، بعد أن أرهقتهم الحكومات العربية بإرث الأجداد، وببطولاتهم، وهم اعتقدوا أن التاريخ هو ما قرره لهم البعض من كَتَبة السلطان، أو السلطان نفسه، التاريخ هو كل شيء، كل ما سبق علينا هو تاريخ، السياسيون السابقون هم تاريخ وسيرهم تاريخ، الدين بجزء منه تاريخ، الشعر فيه من التاريخ ما يكفي..
العرب لم يقرأوا التاريخ جيدًا؛ لأن تاريخهم غير مكتوب بطريقة صحيحة، هنالك الكثير من الأغلاط والتفسيرات وصراع الإرادات التي كتبت تاريخ السوريين والعرب وباقي الشعوب السورية، والمراجعون الجدد يعملون على تصحيحها، منهم من يصيب ومنهم يخيب، وللاثنان أجر، من أهم من عملوا على هذا الأمر (يوسف زيدان، وتيسير خلف، وفراس سواح، وكمال صليبي..) كل في مجاله وضمن طاقته، لكنهم يقومون بما عليهم فعله، الروائيون أيضًا حاولوا إعادة التاريخ لمساره، عبر روايات تتعرض لتاريخ سورية وإعادة كتابة ذلك التاريخ الإنساني لأولادها بعيدًا عن رواية السلطة.
في رواية (فخ الأسماء) تلهب رسالة من السلطان المغولي إلى السلطان المملوكي حيز كتابتي، و ينفجر تاريخ الطغاة أمامنا في تلك الرواية التي تنبش في تاريخ الطغاة لتخرج من الموات حياة وقصصًا.”
لديك نتاج أدبي وروائي طويل، لماذا لم تكتب رواية تحاكي المأساة السورية؟ وما الرواية التي تميل إليها؟
“كل رواياتي تتحدث عن المأساة السورية، لكنني آثرت الحفر عميقًا في الحكاية وفي المجتمع من أجل إيجاد العطب الأساسي المسؤول عن المأساة السورية، في رواية ( المكتبة السرية والجنرال) التي هي نتاج ما بعد 2011، تجد رؤية شاملة للطاغية وتفكيره وآليات عمله من أجل إحكام السيطرة على البلاد، وكيف انتصرت الثقافة المجتمعية عليه، نجد في الرواية كيف أنهت الطائرات الروسية كل شيء جميل في سورية، تحت قصف البراميل، وفي كتاب (300 يوم في إسرائيل) نجد شهادة كاملة لحرب 1973 وما جرى بها حينما كنت أسيرًا في إسرائيل، في الكتاب تجد أسباب الهزيمة وواقع سورية بعيدًا عن الشعارات المكتوبة، تجد تحليلاً لصورة الآخر في عيون السوري العادي ..
في (صبوات ياسين ) نجد أزمة المثقف مع السلطة، أزمة المثقف المعارض وأزمة مثقف السلطة، وكيف يطلب منه أن يبيع روحه من أجل إبداعه، وفي رواية (هشام أو الدوران في المكان) وهي في التسعينات، نجد علاقة السوري مع المخابرات وآليات القمع والإرهاب، في (فخ الأسماء) و (رقصة البهلوان) و (لو لم يكن اسمها فاطمة) كذلك، لا تخلو رواية رواياتي أو كتاب من كتبي من هذا الموضوع، فأنا كاتب معارض، ولدت ثقافيًا كذلك، وسأبقى معارضًا للسلطات حتى يستقيم حال المواطن السوري في بلده.”