دعاء علي
لا شكَّ أنَّ لكل بناء أساساً يرتكز عليه، وكلما كان الأساس سليما قويا كان البناء صامدا.
في العملية التعليمية تمَّ دمج مرحلتي التعليم الابتدائي والإعدادي تحت مسمى التعليم الأساسي، ولا يخفى على أحد أنّ الصف الأول لا يعدّ أول لبنة فحسب، بل وأهم لبنة على الإطلاق في التأسيس، لأنَّ التلاميذ تكون جاهزة لتلقّف المعلومات وحفظها مباشرة وترسيخها في الذاكرة. لذلك علينا اختيار معلم الصف الأول بدقة متناهية وبأمانة؛ لأنَّه القدوة في كل شيء سلوكياً وتعليميا.
وقد لاحظت من خلال عملي بالتعليم أنَّ بعض التلاميذ يكتبون بطريقة معكوسة فيبدأ من الأسفل إلى الأعلى أو من اليسار إلى اليمين، هذا الأمر استوقفني عندما رأيته يتكرر، وسألته ممّن تعلّمت هذه الطريقة في الكتابة؟! وصُدمت عندما عرفت أنَّها معلّمة الصفّ الأول، فلماذا نعلم أطفالنا بشكل خاطئ ثم نصحح؟ لماذا لا يكون تعليمنا من الأساس صحيحاً سليماً؟
وهناك أمور لا يجوز إغفالها في عملية التعليم منها عدد التلاميذ؛ لأنَّ كتابة الوظائف تكون بيد المعلمة فمن الضروري أن يكون خطّها سليماً مرتّباً، وأضف إلى ذلك وجود المدرس الاختصاصي، ومدى تعاون الأسرة مع المعلم.
ثمّ إنّ هناك جملة من التساؤلات لا بدّ من طرحها، هل يخضع العصافير الصغار لاختبارات في كافة المواد في أول عام دراسي لهم؟ والأهم من ذلك كيف يتم انتقاء معلم الصفّ الأول، أم أنّ شأنه كباقي الصفوف؟ وما هو مدى اهتمام الإدارات بهذا الصف؟
حول هذا الموضوع وتساؤلات أخرى، قامت صحيفة حبر باستطلاع آراء بعض معلمي الصفّ الأول من خلال استبيان وكانت النتائج التالية:
“يفضّل معظم المعلمين أن يكون عدد التلاميذ في الشعبة الواحدة ما بين (20-25)، معبّرين عن رأيهم وخبرتهم في هذا المجال بأنَّه ليست كل مواد الصف الأول بحاجة إلى أن يخضع الطفل فيها إلى اختبار، المواد التي تحتاج إلى اختبارات هي اللغة العربية والرياضيات واللغة الانكليزية فقط، في حين المواد التي تحتاج إلى معلم اختصاصيّ فيها هي اللغة الانكليزية والأنشطة فقط.
لافتين في الوقت إلى أهمية تدريس مادة “الجزء الرشيدي” فهي مهمة جداً في بناء قدرات الطفل اللغوية.
وأجمع غالبية المعلمين على أن يتم انتقاء معلم الصف الأول حسب الشواغر والكوادر المتاحة مع مراعاة الخبرة التربوية لديه، وأنه يجب على معلمي الصف الأول بالذات تحضير الدروس بشكل مكثف. وأمَّا عن الدورات التي يجب على المعلم اتباعها فلا شكَّ أنَّ على المعلم أن يطور نفسه باستمرار للتعامل مع الطالب المبتدئ بشكل تربوي وعلمي بعيداً عن الصفات النفسية التي من الممكن أن تسيطر على أفعاله، فلا علاقة لتحديد عمر المعلم الأمثل لهذا الصف ما دام يتطلع إلى المزيد من التطور الذاتي طيلة مزاولته لهذه المرحلة المهمة من حياة الطالب.
ومن جانبهم ركّزوا على مدى أهمية تعاون الأسرة مع المعلم منوهين إلى انخفاض مستوى ذلك التعاون إلى المستوى المتوسط والسيّئ أحياناً.
كما أشاروا إلى هذا الصف بأنَّه لا يلقى اهتماماً واسعاً به من قبل الإدارات فهو كباقي صفوف المدرسة”.
هذا ما خرجنا به من هذا الاستبيان الذي أردنا من خلاله البعد عن جعل هذا الصف المهم مكاناً مناسباً للتجارب والإبداعات الفردية التي لا داعي لها، فكيف لتلميذ ذي السنوات الست أن يجري اختبارات في العلوم والتربية الإسلامية ولم يتمكن بعد من الكتابة.
أمَّا الأمر الآخر، وهو غياب الأسرة عن متابعة أولادها، فهذه الفجوة تتسع ولا ينتبه البعض لأهميتها إلا بعد فوات الأوان.
علمت أنَّ معلمة الصفّ الأول يُنظر إليها كأنَّها نخب ثانٍ، وهي أقل من غيرها لأنَّها تتعامل مع أطفال صغار، وتقدم لهم معلومات بسيطة بإمكان أيّ شخص تقديمها.
لتتفتح عقولنا ونعلم حساسية هذا الصف الكبيرة ونكون على يقظة تامة ومستمرة وباتجاهين سلوكيا وتعليميا وإذا أحب الصغير معلمه أحبَّ كل شيء يتعلمه تربية وتعليميا.
أتمنى أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاهتمام وشكرا لكل من ساعد واهتم بهذا الاستطلاع وأخص الأستاذ عدنان القصير على تعاونه وإخراجه للاستبيان الذي أعددته.