بقلم آية باقي
هي تزوجته لأجل كل شيء، وهو تزوجها لبعض الشيء، أمُّها تزغرد، ووالده يفتخر بفحولة ولده، لمَ لا؟! وبيت الكبريت أصبح جاهزا ليسكنه عصفوران سيتحولان يوماً ما إلى طيرين جارحين يشعلان كبريت الأيام، ويحرقان ما تبقى من أعواد ثقاب كانت تضيء عشهما في ليلة العاطفة.
كما تجرَّأنا وتحدثنا عن وضع الزواج الحالي في مجتمعنا، سنتجرأ اليوم ونتحدث عن الفساد العاطفي والنفسي الذي حوَّل مؤسسة الزواج إلى مدفن للسلع العاطفية المنتهية الصلاحية، لم يعرفوا الحبَّ فيها لأكثر من شهر عسل، نعم هو الوباء المخفي “الطلاق النفسي” تحدثُني عن أرقام ونسب الطلاق الرسمية المرتفعة والمعلنة التي تحدث في المحاكم، أحدثُك عمَّا لا نسبة له في الطلاق المخفي، وأي قاضٍ يمكنه أن يحكم في مثل هذه؟! هكذا تبدأ أزمة العلاقة الزوجية، من أساس يعود إلى بداية العلاقة العاطفية التي سبقت الزواج، وإلى شكل اختيار الشخص بطريقة خاطئة، وهناك الكثير من الأسباب التي تصنع فكرة قلقة يتمُّ على أساسها اختيار الزوج لتبدأ نتائجها بالظهور بعد أعوام قليلة، فتبدأ تراكمات التوتر والمشاجرات وعلائم عدم انكسار التكيّف بين الطرفين في علاقتهما الخاصة داخل أورقة غرف نومهم أو في مناخ الأسرة، ليصبح التنافر هو سيد الموقف، ويصبح الطلاق النفسي أمراً لا مفرَّ منه، ولو تثنَّ لهما لأشهرا طلاقهما الرسمي لكنّ الكثير من الأسباب تمنعهما.
يميّز المحللون النفسيون بين نوعين من الطلاق النفسي، النوع الأول: الذي يتجلى في الجفاف العاطفي بين الطرفين، والانفصال النفسي، وشيوع الصمت، وغياب التواصل بينهما مع اللين والرفق، وحضور الشجار لأتفه الأسباب، وهنا يكون الطلاق العاطفي النفسي معروفاً وواضحاً بين الطرفين ويشتركان به.
أمَّا النوع الثاني: يكون فيه الطلاق النفسي قائماً عند أحد الطرفين دون علم الآخر، وسببه هنا عدم شعور أحد الطرفين بالرضى عن العلاقة، ولعلَّ المرأة هي الأكثر حساسية لهذا النوع من الطلاق، ولكنّ السؤال الذي يفرضه دائما هذا الوجع: إلى متى؟ نرى كيف تملأ الشيخوخة النفسية والعاطفية قلوبهم في عزِّ الشباب، فأيُّ وباء قاتل هذا؟ بالطبع هنا تعجز الكلمات عن خط الحلول لِما للمشكلة من تعقيدات، ولهذا ما من وصفة جاهزة لحلها.
لكن سنتحدث عن بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في إشعال شمعة في دربها المعتم، لأنَّ جوهر المشكلة هو انعدام التواصل.
يمكن أن نعتبر بدء الحوار بين الزوجين بشكل جديد، والذي يجب أن يتضمن الصراحة والوضوح والمرونة، الخطوة الأولى لإعادة هيكلية العلاقة الزوجية، والابتعاد عن الحياة الروتينية التي تعتبر سبباً جوهرياً في خلق جوِّ البرود بين الطرفين، فالتجديد في العلاقة الزوجية والغياب النسبي للزوجين عن بعضهما بهدف الاشتياق سيكون له نتائج مهمة، الأمر الذي سيبعد العلاقة عن فخ المشاجرة أو الحساسية التي في أغلب الأحيان يكون سببها فتح الحديث غير المناسب في الوقت غير المناسب، والذي يكون فيه أحد الطرفين معاتباً أو متعباً.
يجب أن يتفهم كلِّ طرف طبيعة الطرف الآخر من النواحي كافة (الجسمانية، النفسية، الفكرية، السوية الثقافية) وحتى الاختلاف في طبيعة العمل.
على الزوجين أن يتفهما الحالة الخاصة القائمة بينهما، وأن يتناقشا بها، وأن تسود الصراحة المطلقة في هذا الجانب، لأنَّه جانب أساسي ومهمٌّ لديمومة العلاقة، وبهدف الابتعاد عن شرِّ البرود العاطفي.
والصراحة في كل شيء تقريباً هي بوابة الثقة التي تجعل العلاقة بين الزوجين من أقوى العلاقات، وتختصر عليهما الكثير من المشاكل التي تحدث بسبب تجنب ذكرها حرجاً أو خجلاً أو تسامحاً .
والآن: انزعا فتيل الطلاق النفسي والعاطفي معاً، وتحررا من المعتقدات التي تسيطر عليكما، وابتسما، ثمَّ امنحا الحب وعداً جميلاً لأجل كلِّ شيء رائع في هذا العالم، لأجل الحياة .. حياتكما في البداية …