تشير التقديرات إلى ارتفاع أعداد الأطفال القتلى في الحرب السورية، فمن بين كل أربعة مدنيين قتلوا خلال سنة 2016 ثمة طفل لم يتجاوزِ الثامنة عشرة من عمره.
وقال مؤلفو دراسة نشرتها منظمة لانسيت للصحة العالمية: إن القصف الجوي على المناطق الريفية “كان تأثيره القاتل منصبّا على المدنيين بشكل غير متناسب وخصوصاً الأطفال”.
وتصل نسبة المدنيين القتلى لنحو 71% من بين 143630 قتلوا خلال الحرب في سوريا أحصتهم الدراسة، بينما اقتصرت نسبة عدد مقاتلي المعارضة القتلى على 29%.
وجاء هذا التقرير –الذي يستند إلى إحصائيات مركز توثيق الانتهاكات- عقب الدعوة الأخيرة للدول الأعضاء في الأمم المتحدة لإجراء مراجعة عاجلة لقواعد الاشتباك المتّبعة بعد أن لقي عدد قياسي من المدنيين مصرعهم بأسلحة متفجرة السنة الماضية.
ووجد الباحثون أنه: خلال فترة النزاع ارتفعت نسبة الإصابات بين المدنيين من 9% بواقع 4354 قتيلاً إلى نسبة 23% بواقع 11444 قتيلاً سنة 2016، وجاءت هذه الزيادة “نتيجة زيادة اعتماد الحكومة السورية وحلفائها الدوليين على القصف الجوي”.
وقال البروفيسور ديباراتي جوبا سابير من كلية الصحة العامة بجامعة لوفان، وهو المؤلف الرئيسي للدراسة: “تؤكد النتائج التي توصلنا إليها أن القصف الجوي ذو نتائج تكاد لا تذكر على المعارضة بينما تأثيره على المدنيين قاتل للغاية وبشكل غير متناسب وخصوصاً على الأطفال، وتطرح هذه النتائج السؤال عن جدوى استخدام هذه الأسلحة في المناطق المأهولة بالسكان، واحتمال استخدامها بشكل عشوائي في انتهاك للقانون الدولي”.
وتوصّلت الدراسة إلى أن ما مجموعه 57% من المدنيين قتلوا بفعل الغارات الجوية، في مقابل 10 % من مقاتلي المعارضة، لكن في الوقت الذي تعددت فيه أسباب مقتل المدنيين الذكور بين الغارات الجوية والقصف وإطلاق النار والتفجيرات فإن معظم الأطفال والنساء قتلوا بالقصف والغارات الجوية، حيث تزايدت أعداد المدنيين القتلى بازدياد استخدام هذه الأسلحة منذ عام 2014 منذ أن كثّفت الأطراف الدولية قصفها الجوي على سوريا.
ووجدت الدراسة أن من بين 11444 مدنيا قتلوا في سوريا عام 2016 يوجد 2662 طفلا و1582 امرأة، وأدت الحرب إلى تشريد أكثر من نصف سكان سوريا، وانخفض متوسط الأعمار إلى 20 سنة حسب المركز السوري للأبحاث السياسية.
وأضافت الدراسة أن تأثير البراميل المملوءة بالشظايا أو المسامير مع المتفجرات على المدنيين كان مذهلاً، فقد قُتِل نحو 97% من المدنيين بفعل هذه البراميل، “مما يعني احتمال شن حرب عشوائية أو متعمدة، مما يعني ارتكاب جريمة حرب”.
لقد أُلقِيَت البراميل المتفجرة في سورية على المشافي والأسواق والمنازل ثم تلتها ضربات أخرى بغية قتل أول المنقذين والمسعفين.
كما نشرت منظمة لانسيت عبر لجنتها الموجودة في سوريا تقريراً يسلّط الضوء على كيفية استخدام الرعاية الصحية كسلاح من أسلحة الحرب في البلاد.
وقال حسام القاتلابي المدير التنفيذي لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا: “إن توثيق القتلى في سوريا مهم لكنه عمل يمزّق القلب ويصبح أصعب فأصعب، فثمة أعداد كبيرة من الضحايا وليس من السهل جمع البيانات لكنه مهم لأي محاكمات في مرحلة انتقالية، ونحن نؤمن أننا لا يمكن أن نصل إلى السلام في سوريا دون تحقيق العدالة في مرحلة انتقالية، لكن المشكلة أن الناس فقدت الأمل فبعد سبع سنوات فقد الناس الثقة بنظام العدالة العالمي، والناس في سوريا يقولون لنا: كل العالم يعرف أننا نموت كل يوم لكن لا أحد يحرك ساكناً لإنقاذ أرواح أطفالنا”.
وقال البروفيسور جوبا سابير المؤلف الرئيسي للدراسة: “إن تأثير البراميل المتفجرة على المدنيين يدعم الادعاءات بأن هذه الأسلحة تستخدم لاستهدافهم بشكل مباشر، فما يقارب ثلاثة أرباع عمليات استخدام الأسلحة المتفجرة في سوريا حدث في المناطق المدنية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، مما عرّض المدنيين إلى مخاطر كبيرة جدا، ومما يعني درجة عالية من تعمد قتلهم”.
وتشير الدراسة إلى أن ربع ضحايا البراميل المتفجرة هم من الأطفال.
وقال واضعو التقرير إن الصعوبة في الوصول إلى أماكن القصف تعني أن عدد القتلى نتيجة للاستخدام الواسع النطاق للمتفجرات يمكن أن تكون أكبر، فلم تتعرض الدراسة للذين قتلتهم الحرب بشكل غير مباشر مثل ازدياد الامراض أو العجز الطبي أو الذين قتلوا أو اختفوا في السجون.
ويقول البروفيسور جاه سابير: “يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته تجاه هؤلاء القتلى، فيجب أن يواجهوا عواقب القصف الجوي الذي ينصبُّ أثره على المدنيين وعلى الأطفال بالذات، وهذا مخالف لقوانين الحرب”.
واستناداً إلى معاينة المناطق التي تمكن فريق مركز التوثيق السوري من الوصول إليها حتى عام 2012 فقد سقط معظم المدنيين القتلى في حمص، وبعد ذلك كانت المأساة الأكبر في حلب ودمشق، اللتان سقط فيهما 25% من مجموع القتلى بالإضافة إلى الأعداد الهائلة من الأطفال الذين قتلوا بالقصف، وشهدت حلب مقتل 40% من الأطفال بالغارات الجوية.
الكاتب: كارين ماكفي
رابط المقال الأصلي:
https://www.theguardian.com/global-development/2017/dec/07/children-bear-lethal-impact-syrian-war