كان القائد الميداني للثوار أبو أحمد مبتسماً، فقد لعبت قواته دوراً رئيساً في الهجوم التركي على عفرين في الشمال السوري، حيث دارت المعركة التي انتصروا فيها.
أبو أحمد قيادي رفيع في قوة قوامها 10000 رجلا تدعمها تركيا وتوجهها، سيطرت على عفرين يوم الأحد بعد معركة استمرت شهرين، وبالطبع فقد استخدم اسما مستعارا كما آخرين عند الحديث عن علاقتهم الحساسة مع داعميهم في أنقرة.
وسط سلسلة من الهزائم على يد حكومة بشار الأسد وداعميه الروس، يشكّل النصر في عفرين واحداً من النجاحات النادرة للثوار خلال السنة الأخيرة.
فانتصارهم السريع على أعداء دربتهم وسلحتهم الولايات المتحدة، (وهم من طرد الدولة الإسلامية من مناطق واسعة) يبرز القوة المتنامية لجيش الثوار في الشمال السوري، حيث دربته ومولته تركيا، ويتكون الآن من ثلاثة فيالق ويسيطر على مساحات متزايدة.
وعلى امتداد الشمال السوري، تراجعت العديد من الجماعات المنضوية خلف المشروع الذي تدعمه أنقرة، وهو المشروع الذي فرض الانضباط العسكري على المقاتلين، حيث اعتبرت واشنطن، رغم دعمها السري، أن هذه الجماعات متشرذمة وضئيلة للغاية لهزيمة داعش.
وقال أحد قادة الثوار: “أعني أن بشار الأسد فشل في توحيدنا، ورغم أننا أضعف سياسيا وعسكريا من النظام الذي يستخدم تكتيكات الأرض المحروقة وتتساقط المناطق بيده تباعا، يتهم كل منا الآخر بالخيانة”.
وقال المساعد السياسي لأبي أحمد: ” إن بقي الأسد مع زمرته الحاكمة فلن يكون للحرب نهاية، لكن إن تم الاتفاق على حل انتقالي للأسد وكبار معاونيه، فيمكننا العمل مع الجيش بدعم من المجتمع الدولي لتحقيق الأمن في المناطق المحررة، أما إن خُدِعنا، فأسلحتنا بأيدينا ومقاتلونا موجودون في مكانهم وسيكون القتال حتى الموت”.
تركيا أعلنت انطلاق الهجوم على عفرين في شهر كانون الأول، بعد أن أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد تشكيل قوة حدودية من الميليشيات الكردية التي قاتلت مع واشنطن ضد داعش وحررت الرقة لحماية الحدود السورية.
تركيا، وهي العضو في الناتو، أبدت صبرا طويلا على حلفاء واشنطن من وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها الفرع السوري للمتمردين الأكراد السوريين، بسبب تطمينات أمريكية من أن هذا الدعم مؤقت.
وأدت معركة عفرين إلى نزوح عشرات الآلاف ومقتل حوالي 300 مدنيا حسب تقديرات مراقبين للحرب، ورافق وصول الثوار عمليات نهب واسعة النطاق للمنازل والمحلات في مدينة عفرين، كما أثارت اتهامات بأن تركيا وحلفاءها يرغبون بتغيير المنطقة ديموغرافياَ عبر إسكان اللاجئين العرب بحيث يفوق عددهم عدد السكان الأصليين من الأكراد.
وكانت هذه ثاني أكبر حملة عسكرية لأنقرة في سورية، ففي شهر آب من عام 2016 أطلقت درع الفرات، وهي عملية اعتمدت على جماعات الثوار السوريين للسيطرة على القرى التي كانت داعش تسيطر عليها على امتداد الحدود ولوقف التوسع الكردي غرب نهر الفرات.
وبعد الحملة سعت تركيا لزيادة تنظيم وتدريب حلفائها من الثوار، وقدمت لهم التدريب والتسليح والرواتب الشهرية، ويقود الفيالق الثلاثة التي يتشكل منها جيش الثوار ضباط منشقون يتبعون اسميا للحكومة السورية المؤقتة المدعومة من تركيا التي لا حول ولا قوة لها، ويتلقى هؤلاء الضباط الاستشارة العسكرية من ضباط أتراك رفيعي الرتبة.
ويقول الثوار: إنهم سيطروا على معظم مناطق عفرين بدعم من المدفعية والطائرات المقاتلة التركية، وهم مقتنعون أن المعركة تشكل نصرا إستراتيجيا تاما، لأنها ستفتح ممراً برياً إلى محافظة إدلب، حيث معقل المقاتلين المرتبطين بالقاعدة، لتربطهم بالثوار الآخرين من الفصائل الأخرى التي تريد الانضمام للتحالف.
الكاتب: كريم شاهين
الصحيفة: الغارديان البريطانية
الرابط الأصلي للمقال: