بقلم أحمد منصور
خلال أيام قليلة تواترت التحذيرات من الدول الأوروبية وصولا إلى الولايات المتحدة للرعايا الغربيين بغية عدم الذهاب إلى تركيا، هذه التحذيرات ضد بلد يستقبل سنويا أكثر من 35 مليون سائح تعني ضرب واحد من أهم موارده، وقد رفعت الولايات المتحدة من حدة تحذيراتها مساء الثلاثاء الماضي حينما طلبت من عائلات عسكرييها مغادرة تركيا، حدث هذا في نفس الوقت الذي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستقل طائرته متوجها في زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية لحضور قمة الأمن النووي، وقبل الإعلان الأميركي تحدَّث رئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو عن زيارة أردوغان للولايات المتحدة قائلا: «إنَّها تتضمن افتتاحا لمجمع ثقافي أميركي – تركي سيكون بصمة لإنجازات تركيا في سائر بقاع العالم». التحذير والقرار الأميركي بسحب عائلات العسكريين من تركيا جاء في الوقت الذي يتوجه فيه أردوغان إلى الولايات المتحدة، مصوِّبا بذلك طعنة في الظهر مدروسة لتركيا ورئيسها الذي أصبح يزعج الولايات المتحدة والغرب كثيرا، فالصحف الغربية لاسيما الألمانية تشن حملات شبه يومية على أردوغان وحكومته، والعجيب في الأمر أنَّ المعارضة التركية تضع يدها في يد كل من يهاجم الحكومة التركية، وقد عبَّر داوود أوغلو عن ذلك في خطابه الذي ألقاه الثلاثاء الماضي أمام تجمع لفريق حزب العدالة والتنمية في أنقرة، فقد اتهم فيه المعارضة التركية بانعدام الوطنية وقال: «للأسف لا توجد معارضة وطنية في تركيا، لقد تمكنت تركيا من إحراز تقدم في السنوات الأربع عشرة الأخيرة من رفع سقف تركيا عاليا، لكن للأسف لم ترقَ المعارضة إلى هذا المستوى، إنَّهم لم يتعلموا السياسة ولم يتعلموا كيف يخدمون الشعب».
أمَّا أسباب التصعيد الأميركي الأوروبي ضد تركيا فإنَّه باختصار لا يتعلق بالحجج التي يسوقونها حول حرية الصحافة، فما يحدث في مصر ودول كثيرة من التي تدعمها أميركا والغرب أكبر من حرية الصحافة، بل الأمر يتعلق بحرية الإنسان نفسه وقيمته، لكن الغرب المنافق يخشى من تركيا التي انتقلت خلال عشر سنوات من المكانة 37 إلى المكانة 17 اقتصاديا، وأصبحت من مجموعة العشرين الكبار في العالم، وهي في النهاية دولة إسلامية والغرب وأميركا لا يريدان لأي دولة إسلامية أن تكون في هذه المكانة، لاسيما إذا كان القائمون عليها يعتزون ويفخرون بأنَّهم مسلمون، الأمر الثاني يتجلى في عدم معاناة تركيا اقتصاديا كما عانت وتعاني أوروبا، بل إنَّ المشروعات التركية العملاقة من المطار الثالث والجسر المعلق والطرق ومحطات الكهرباء وغيرها مشروعات عملاقة بعشرات المليارات يسيل لها لعاب الشركات الغربية، وكذلك عدم خلو بيت أوربي من منتج تركي.
تركيا غزت أوروبا بمنتجاتها وتريد الآن أن تصبح قلب أوروبا من خلال مطارها الجديد واقتصادها وتوافد السياح من أنحاء العالم إليها، لذا قررت أميركا والغرب أن تضرب تركيا حتى لا تواصل تفوقها على أوروبا.