تعيش طالبات الجامعات السورية حالة من الخوف والتوتر المستمر، فالدراسة ليست أمراً سهلاً في جامعات لا يبدو مستقبلها واضحاً، لكنَّها المتاح الوحيد في هذه البلد التي تشهد واحدة من أبشع الحروب على مرّ التاريخ.
غير ذلك فإنَّ هذه الجامعات باتت تكلف الكثير من المال في ظلِّ الأوضاع الصعبة التي يعيشها الطلاب وذويهم، وصار لا بدَّ من عمل الطالب أو الطالبة إلى جانب الدراسة ليستطيع إكمال دراسته والتسجيل في الجامعة، ذلك إضافة إلى الضغوط الكبيرة من جميع نواحي الحياة (النفسية والجسدية والاجتماعية)
فمع صعوبة تامين عمل للشباب أصلاً، يبدو تأمين العمل للطالبات أشدّ صعوبة، في مجتمع ذي طبيعة ذكورية، وحرب لا تقدر النساء على تحمل قسوتها.
فكيف يمكن لأنثى أن تنظم حياتها بين الدراسة والعمل؟! وكيف يمكن لها الابتعاد عن جو عائلتها والعيش بعيدة عن حنان أمها وعطف أبيها من أجل متابعة الدراسة في هذه الظروف؟!
صعوبة المواصلات بين الأرياف والمدن أو غيابها تماماً أجبرت الكثير من الفتيات على الإقامة قريباً من جامعتها بعيداً عن عائلتها، وهنا تبدأ المعاناة في البحث عن عمل، خاصة عندما تجد الفتاة نفسها أمام واقع تحمّل عبء بيت كامل إلى جانب دراستها.
عليها أن تنسى بأنَّها أنثى وهي تحمل غازها السفري وتبحث عن بائع الغاز وتشتري حاجات بيتها، وتصلح ما يحتاج لإصلاح، وتتعامل مع السبَّاك والنجار وبائع المازوت، وتحضّر طعامها، لتصل لآخر النهار متعبة، ولا وقت للراحة، فهي تحمل كتابها ليرافقها في سريرها حتى تنام، لتستيقظ على رنة هاتفها التي تعلن بدء دوامها الجامعي، أو عملها المعتاد.
وتبقى تلك الفتاة تبذل وقتها وصحتها لتكسب ما يجعل حياتها مستمرة وذات قيمة، ويبقى الأمل يجدد حياتها بأنَّها في نهاية المطاف ستصل لشهادة تقرُّ بها عينها وتنسى تعبها في تلك السنين العصيبة. فهل ستكون شهادة تستحق الاعتراف، أم أنّ تعبها كله سيكون بلا جدوى؟! تتساءل فتاة مثلي وهي تعمل بعضاً من الوقت وتدرس في الوقت المتبقي.