سلوى عبد الرحمن
سبع سنوات وماتزال الحرب مستمرة في سورية، وسكان البلد يعانون من النزوح والتشريد، أكثر من مليون ونصف نازح يعيشون في مخيمات بالداخل السوري وسط نقص بأبسط مقومات الحياة الكريمة.
في ريف إدلب الشمالي يسكن ما يقارب 10000 آلاف شخص داخل مخيمات، لا تتوفر فيها أدنى مقومات السلامة والأمان، ولا تقي حر الصيف وبرد الشتاء، ولا يوجد فيها مرافق عامة تؤمن احتياجات الناس بمن فيهم الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ولا تتناسب مع فكرة إنشاء مجتمع مدني مستقل قادر على التنمية والتطوير، الأمر الذي دفع بالمنظمات للبحث عن حل حقيقي.
“القرى الطينية” كانت البديل الأمثل والأقل تكلفة، حيث تُبنى البيوت من الطين الممزوج بالقش وتسقف بالخشب، مساحة المنزل الواحد ستين متر مكعب ، فالطين آمن ولا يحتوي على الحديد أو الحجر والكتل الإسمنتية التي قد تسبب الإصابة أو الموت بسبب الشظايا المتناثرة فيما إذا تمَّ استهدافها.
يتم العمل على إقامة قرى طينية في أماكن متعددة أبرزها بالقرب من “معرة مصرين” و “الفاروقية” القريبة من سلقين في ريف إدلب الشمالي، وفي “آفس” بريف إدلب الشرقي بإشراف مؤسسة التنمية والتمكين المجتمعي، وبدعم من اتحاد منظمات المجتمع المدني.
وفي لقاء لجريدة حبر مع المشرف على القرية الطينية في أطراف معرة مصرين المهندس “رائد الحمود” أكد أنَّ القرية يسكنها 200 عائلة من عوائل الشهداء والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والفقراء بالدرجة الأولى، ومؤخرًا المهجرين قسرًا من بيوتهم من كافة المدن والبلدات السورية.
وأضاف أنَّ القرية تتكون من 150 وحدة سكنية، كل شقة من 4 بيوت، كل واحدة تتميز بالأمن والخصوصية، حيث إنَّ المنافع (الحمامات والمطابخ) خاصة غير مشتركة، على عكس التجمعات الأخرى، إضافة لمشتل صغير أمام كل شقة ليتمكن سكانها من الزراعة فيه.
وأشار “الحمود” إلى أنَّ البيت الطيني يعتبر صديقًا للبيئة ومضادًا للزلازل، ويتميز بالعزل الحراري، حيث إنَّه دافئ شتاءً وبارد صيفًا، وذلك بسبب حفاظه على درجة حرارة ثابتة داخل البيت.
أبرز الخدمات في القرية هي وجود صرف صحي، وبئر مياه، وخزان، وكهرباء عن طريق ألواح الطاقة الشمسية، ومسجد، ويتم التحضير لشبكة مياه وكهرباء، ويحتوي المخطط العام للقرية على مكان لمستوصف ومدرسة وسوق تجاري ذي شوارع رئيسية وفرعية، كل ذلك بانتظار التمويل، حسبما أفاد “الحمود”.
الهدف الأساسي من إقامة هذه البيوت هي استيعاب الوافدين، وتأمين سكن يليق بإنسانيتهم، ويحفظ خصوصيتهم، وينتشلهم من الخيم القماشية التي تفاقم أزمة النازحين وتسبب لهم المزيد من الأسى والتشريد.
يرحب المشرف في القرية بكافة المنظمات التي ترغب بإقامة دورات توعية أو نشاطات للسكان، أو تقديم الدعم الذي من شأنه المساعدة على التطوير ومتابعة المشاريع المقترحة للقرية.
“ندى سمّيع” مديرة منظمة “بارقة أمل” قالت لحبر: “بعد زيارتنا للقرية في أول أيام العيد بهدف إقامة نشاط ترفيهي لأطفال القرية، وتوزيع هدايا وعيديات رمزية، وإدخال الفرح لقلوبهم، تأكد لي أنَّ سكان القرية جميعهم بحاجة ماسة للدعم النفسي أولًا، وبناء مدرسة على الأقل لاستيعاب كافة الأطفال في القرية، فمظاهر العنف بدأت تزداد بينهم يومًا بعد يوم، إضافة لضرورة تأمين باقي الخدمات”.