ياسين المحمد |
لسكان قرى ” جبل شحشبو ” في ريف حماة الغربي عاداتهم وتقاليدهم التي يصرّون على التمسك بها رغم تفاقم الأحداث التي تجري في سورية بعد 7 سنوات من عمر الثورة السورية، و” القهوة العربية ” على رأس تلك العادات، فهي تعتبر رمزا للضيافة وتعبيراً عن الحفاوة والكرم والترحيب بالضيف، وتحتل مكاناً مرموقاً في حياتهم اليومية، إذ يعتبرونها جزءا لا يتجزأ من تراثهم الأصيل.
وتعتبر طريقة تحضير ” القهوة العربية ” من أبرز ما يميزها عن باقي المشروبات، ويصاحب تقديمها العديد من العادات التي لا بد من اتباعها، ففي لقائنا مع ” مصطفى أبو عرب ” أحد سكان ريف حماة الغربي حدثنا عن الطريقة الصحيحة المتبعة في تحضيرها حيث قال: “يتم تحميص حبات القهوة على النار بعد وضعها في ” المحماص ” حتى تصبح جاهزة للتحضير، وبعد ذلك يتم تبريدها، ثم تأتي مرحلة طحن القهوة باستخدام (المهباج) وبعد مرحلة طحن القهوة تأتي المرحلة الأخيرة وهي الغلي، حيث توضع مع كمية مناسبة من الماء ليتم غليها، وبهذه الطريقة تصبح جاهزة للتقديم.”
وأشار ” مصطفى أبو عرب ” إلى العديد من العادات والتقاليد المتعارف عليها عند تقديم القهوة للضيوف حيث قال: “يجب على من يقدم القهوة أن يقدمها وهو واقف ممسكاً الدّلة بشماله والفنجان بيمينه، وأن يحتسي الفنجان الأول أمام الضيوف، وألا يجلس حتى ينتهي الجميع من شرب القهوة، كما يتوجب عليه أن يبدأ بالتقديم من اليمين، وتعتبر هزة الفنجان للضيف دليلاً على اكتفائه وشكره لصاحب البيت.”
وأضاف ” أبو عرب ” أن من عادة العرب أن يقدموا ثلاث فناجين من القهوة للضيف، وكل واحد منها يطلق عليه اسم معين، ولكل منها دلالة خاصة، فالفنجان الأول يطلق عليه فنجان ” الهيف ” ويدل هذا الفنجان الذي يشربه المضيِّف الذي يقدم القهوة أنها صالحة للشرب وليس فيها أي عيوب، والثاني يسمى فنجان ” الضيف ” وهذا يقدم للضيف في المرة الأولى بعد جلوسه مباشرة ، والفنجان الثالث الأخير يسمى ” الكيف ” والضيف ليس مُلزم بشربه وله الحق أن يرده إن شاء، وهناك فنجان رابع وهو خاص عند بعض القبائل العربية للأهل والأقارب وذوي الأرحام ويسمى ” السيف ” وهذا يعني أن من شربه فهو ملزم بالوقوف إلى جانب القبيلة والدفاع عنها في حال أي اعتداء عليها.
كما وتبرز أهمية فنجان القهوة عندما يكون بمثابة أداة تستخدم لحل النزاعات والخلافات وتلبية المطالب، حيث يقوم الضيف بوضع الفنجان المقدم له على الأرض إذا كان يريد من صاحب البيت أمرا معينا كطلب زواج أو صلح أو غيره، وهي عادة عرفت عند العرب قديما وحديثا، وحينها ينبغي تلبية الطلب حتى يشرب فنجانه.
أدت سنين الحرب الدامية في سورية إلى طمس الكثير من العادات والتقاليد خصوصاً مع انفتاح الجيل الراهن على العصر الحديث بشكله المختلف عمَّا تعارف عليه الأجداد، إلا أن سكان بعض المناطق ومنها ريف حماة لا يزالون متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم العريقة، ولا تزال القهوة العربية إلى يومنا هذا حاضرة في كل مجلس، وفخراً يُتوارث عبر الأجيال.