أخصائية نفسية وتربوية – مصر
الكذب عند الأطفال هو سلوكٌ غير سوي ينتجُ عنه العديد من المشكلات الاجتماعية، ويعتبر سلوكاً مكتسَباً من البيئة. وقد ينظرُ الآباء إلى كذب الطفل على أنه أمرٌ بسيط وطارئ لكنَّ خبراء علم النفس يؤكِّدون ضرره البالغ خصوصاً عندما يكبر الطفل ذلك لأن الكذب بشكلٍ مستمر يجعل منه وسيلةً مقنعةً وفعالة للطفل تجلب له المنافع وتجنِّبه المتاعب.
ويمكن تعريف الكذب بأنَّه وصفُ شيءٍ أو موقفٍ معين بشكلٍ مخالفٍ لما يحدثُ في الواقع بشكلٍ جزئي أو كلي فهو تشويهُ الحقائق لتحقيق هدفٍ مادي أو اجتماعي أو نفسي.
ولابدَّ من وجودِ عواملَ تدفعُ الطفل لنهجِ هذا السلوك السيِّئ فمن الممكن أن يكون الكذبُ سلوك أحدِ أفرادِ الأسرة ويقومُ الطفل بمحاكاته وأيضاً في حالات إخلاف الوعود مع الطفل فهذا يرسِّخ الكذب في سلوك الطفل ويجعل منه عادةً لديه. كما أنَّ الكذب قد يكون وسيلةً دفاعية يدفع بها العقاب عن نفسه فيكذب ليتفادى العقاب، كما أنَّ القسوة والتعجيز يدفع الطفل للكذب، وأيضاً السيطرة الزائدة والتحكم في كلِّ أفعال الطفل يضطره لسلك هذا السلوك السيِّئ، والإهمال وعدم شعور الطفل بذاته وأهميّته بالنسبة لمن حوله يدفعه للكذب.
وهناك أنواع متعددة للكذب نذكر منها:
– الكذب الخيالي: وهو أن يؤلِّف الطفل موقفاً خيالياً ويدعي أنّه حقيقة.
– الكذب الالتباسي: وهو الخلط بين الحقيقة والخيال ولا يستطيع الطفل التمييز بينهما.
– الكذب الادعائي: ويُستخدم هذا النوعَ من الكذب الأشخاصُ الذين يعانون من مشكلة الاحساس بالنقص وشعوره الدائم بأنّه أقلُّ ممن حوله يجعله يلجأ إلى تأليف مواقفَ خيالية مر بها تجعل منه بطلاً أو يتباهى بأشياء وهو لا يمتلكها اعتقاداً منه أنَّ ذلك الادعاء يجعل له مكانةً وهيبة.
– الكذب الانتقامي: وهو ناتجٌ عن الشعور بالغيرة فيكذب لينتقم من شخص يغير منه.
– كذب الدفاع: هو أن يكذب الطفل خوفاً من العقاب.
– كذب التقليد: عندما يكون أحد الوالدين مبتلياً بهذا الداء ويقلّده الطفل في سلوكه.
– الكذب العنادي: ويلجأ له من شدّة ضغط السلطة عليه سواء الوالدين أو المدرسة فيكذب ليعاند هذه السلطة.
وتوجد طرق تربوية وعلاجية للكذب عند الأطفال منها:
– يجب على الأسرة أن تكون مصدراً للتنشئة السوية للطفل، فوجود الطفل في مناخٍ أسري صالح يؤثّر عليه ايجابياً حيث القدوة الحسنة التي يتعلّم منها كلَّ مفيد وصالح.
– زرع الأمان النفسي والابتعاد عن القلق فالطفل المطمئن نفسياً لا يلجأ للكذب.
– تعليم الطفل فضيلة الصدق وتشجيعه عليه مهما ترتّب عليه من نتائج.
– تنفيذ العقاب المتّزن في حال فعله للكذب وإخفاء الحقائق وتوضيح سبب العقاب له.
– تعزيز ثقة الطفل في نفسه وأنه صاحب دورٍ مهم في الأسرة.
– الاتزان في إعطاء المهام للطفل حيث تتناسب المهام مع قدراته العقلية والجسمية حتى يتمكن من القيام بها وفي حال عدم القدرة على فعلها قد يضطر للكذب وينسب الإنجاز لنفسه.
وتقع مسؤولية تربية الأبناء بشكلٍ سليم على عاتق الوالدين فعليهما الالتزام بالحكمة والمرونة في أسلوب التربية والقدرة على إدارة المواقف حتى يتمكّنوا من تنشئة فردٍ نافع لمجتمعه ووطنه سوي لا يعاني من تلك المشكلاتِ النفسية.