غسان الجمعة |
انتهت أعمال اللجنة الدستورية في جولتها الرابعة بخروج الوفود المشاركة باتفاق لأول مرة حول جدول الأعمال وموعد الاجتماع القادم، حيث وصفها رئيس وفد المعارضة (هادي البحرة) بأنها تمت بأجواء (إيجابية) على الرغم من محاولة وفد النظام الواضحة تعطيل عمل اللجنة وتحييدها عن هدفها بإقحام ورقة الإخوان المسلمين واللاجئين السوريين في لقاءات الوفود وبنود المناقشة، وما أعقبها من تصريحات لوفد الأسد عن اتهامات بانتهاك البروتكولات من قِبل وفد المعارضة.
وعلى الرغم من الحالة الوردية للأجواء التي عبّر عنها (البحرة)، إلا أن وفد النظام خرج كمن يمشي على الشوك في طريق لا يريد أن يقطع فيه خطوة واحدة، فورقة اللاجئين كانت بمنزلة رسالة للمجتمع الدولي والمعارضة السورية بأن إغلاق هذا الملف هو بداية أي حل عملي سياسي ممكن أن تتضح معالمه مستقبلاً.
وعلى الرغم من أن المعارضة تحاول تجميل ما يريد النظام تمييعه، حقق وفد الأسد انتصارًا تعدُّه المعارضة هو سياسة احتواء ومسايرة للوصول بوفد النظام إلى الزاوية، في حين أن كل ما تم الاتفاق عليه من إجراءات وتفاهمات بروتوكولية لا تساوي نقطة من بحر التفاصيل الذي يريد وفد الأسد إدخال الأمم المتحدة والمعارضة في دوامته.
السياسة الجديدة للنظام السوري في جنيف انطلقت من فشل مؤتمر اللاجئين في دمشق، حيث ستعقد الجولة الخامسة في ظلال الإدارة الأمريكية الجديدة التي تتطلع لدفع العملية السياسية قدمًا ومن بين ما سيتضح هو ردّ الأمريكيين على هذه المزايدة والابتزاز، مع أن المبعوث الأمريكي الجديد لسورية (رابيون) أكد استمرار نهج سلفه بسياسة الضغط، إلا أن الأسد والروس يريدون فتح بازارات المقايضة والتنازلات المتبادلة في ظل اقتراب استحقاق الانتخابات الرئاسية منتصف العام المقبل.
إن استمرار المعارضة في نهج التماهي والاستيعاب لمراوغات النظام لن يصبّ في مصلحتها في ظل الوقت الذي يكسبه النظام من ذلك، ولن تتمكن المعارضة من فرض رؤيتها ومطالبها على طاولة وفد الأسد إلا بوجود ما يدعمها على الأرض أو ما قد تقدمه الضغوط الغربية من نتائج على الصعيد الاقتصادي لمنظومة الأسد.
فالاستثمار بأوراق القوة لا يجب أن تبقى حكرًا لوفد النظام الذي يلعب دور المفاوض المهاجم في حلبة هو أضعف من أن يستمر فيها بوجهه الحالي مع بوادر عجزه أمام التعقيد التركي الذي فرضه في خريطة إدلب وما يعانيه السوريون في مناطق سيطرته اقتصاديًا، إضافة إلى حدة الاحتدام المتصاعد بين إسرائيل والإيرانيين فوق الأراضي السورية والوضع العقيم الذي تفرضه الولايات المتحدة في الشمال الشرقي من سورية.
وحتى تحين فرصة اللقاء الخامسة تنتظر روسيا اتجاه التحركات التركية والأمريكية على الساحة السورية وعلى إثرها من الممكن أن تصعّد من مطالبها في الدستورية أو في هجوم عسكري يزعج المخططات التركية في المنطقة ويحقق لها المزيد المكاسب التراكمية الفارغة من الحلول الحقيقية والأموال والثروات التي يطمح لها الروس وحلفائهم.