اللجوء للسحر آفة خطيرة تهدد المجتمع السوري

سلوى عبدالرحمن |

يركض أيهم مذعورًا من زاوية لأخرى في المنزل إثر استيقاظه فجأةً من النوم كل ليلة تقريبًا، يبدو وكأن أحدًا يلاحقه بينما ينظر إليَّ كأنني شبحٌ مرعبٌ كلما اقتربت منه يفر هارباً على الرغم من أنني أقرأ المعوذات وأطلب منه أن يعيدها ورائي، ولا يكاد يبدأ ببسم الله حتى ينهار باكيًا ثم يعود للنوم مجددًا دون أن يذكر شيئاً مما حصل معه حين يستيقظ في الصباح، وفي النهار يعاني من ضيقٍ بالتنفس وألم شديد في البطن وضعف رؤية وتنميل الأطراف وكدمات تظهر على جسده بين الحين والآخر، إضافة لتخبطه في الكلام، لذلك قررت أخذه لشيخٍ يفكّ عنه المسّ.

تلك قصة روتها (أم أيهم) لــصحيفة حبر.

مع استمرار الحرب يزداد إقبال بعض السوريين على أماكن السحر وبنسبة كبيرة في مناطق سيطرة النظام مقارنة مع المناطق الخارجة عن سيطرته حيث تتم ملاحقة المشعوذين من قبل الفصائل الإسلامية، وتفرض عليهم عقوبة الإعدام حتى أنها طبقتها مرة بحق امرأة مشعوذة حسب مصادر الهيئة في سلقين.

 أما عن الأسباب الرئيسة لعودة انتشار تلك الظاهرة فترجع لزيادة الهموم والمشاكل داخل المجتمع السوري وارتفاع نسبة الأمراض الجسدية والنفسية المستعصية التي سببتها الحرب، معظم رواد أماكن السحرة من النساء لأن عواطفهن تتغلب على تفكيرهن لا سيما إن كان الموضوع يتعلق بمصير ميؤوس لأحد من أبنائهن أو إخوتهن، ويساعد المشعوذ في عرض طقوس السحر أطفالٌ عن طريق تنويمهم مغناطيسياً لسحرٍ معين.

وبأمر من المشعوذ تطبق النساء تعاليم وطقوس محددة في بيوتهن وحياتهن بعد قناعتهن بأنهن مسحورات من قبل أعداء لهن أو أقارب، وما يدفعهن لتصديق ذلك أن السحر ذكر في القرآن والسنة النبوية إلا أن الدين حث على الابتعاد عن السحر والمشعوذين.

الحب هو من جمع بين رهف وغسان فتزوجا وأنجبا ثلاثة أطفال، يعيشون في حي الأعظمية بحلب، تفاجأت بأن زوجها على علاقة مع جارته المطلقة والقريبة من مكان عمله، جميع من حولها أقنعوها أنه مسحور فبدأت رهف بارتياد أماكن السحرة في حلب حسب ما أكدت سلمى سلفة رهف لـصحيفة حبر.

أضافت (سلمى) أنها لم تكن تؤمن بأمور السحر والشعوذة لكن النهاية المفجعة لقصة رهف جعلتها تتأكد من وجوده بعد أن كلفتها مرة أن تضع صرة من فضلات القرد بكعب حذاء زوجها ليعود إليها بعد أن طلقها، لكنها رفضت ولم تفعل ذلك ونصحتها بالابتعاد عن هذا الأمر لأن الله حرمه لقوله تعالى: “إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح السحر حيث أتى”.

أهم ما في القصة بعد فترة وجيزة من الخطبة ومع اقتراب يوم الزفاف توفيت خطيبة (غسان) بشكل مفاجئ رغم أنها لم تكن تعاني من أي مرض، لكن ما أذهلني أن والدتها قالت إنها منذ أسبوع باتت تعاني من آلام عامة خاصة في المفاصل وتقيؤ مستمر، ثم وجدت صرةً تحتوي جزءاً من شعر وجسد حيوان وورقةٍ فيها كتابات ورموز غير مفهومة مدفونة تحت شجرة في حديقة منزلهم. 

يستخدم السحرة أدوات ومواد كالذبائح والنار والبخور وبعضاً من أجزاء حيوانات يصعب الحصول عليها كشعر أو مرارة أو أنياب وأظافر الذئاب أو الضباع أو القردة والماعز إضافة لقطعة من ثياب أو شعر الشخص المراد سحره.

ويكون السحر إما مأكولاً أو مشروباً أو مرشوشاً على الأرض التي يجب أن يمر من فوقها الشخص المسحور، أو مدفوناً في التراب خاصة في المقابر.

قصص وحكايات رعب تجري في أماكن المشعوذين تبدأ باستنزاف الأموال التي تصل لعشرات الآلاف وقد تنتهي بجريمة قتل، كما تكمن خطورة التعامل بالسحر في ارتفاع نسبة العقليات المتخلفة التي لم تعد تعتمد على قوة الإيمان رغم الشهادات العلمية التي تحملها.