ثلاث حالات جاءت تسأل عن قرصات ذبابة اللشمانيا خلال عشر دقائق من جلوسي عند مسؤول مركز أرمناز لمعالجة اللشمانيا! فهل هذا أمر طبيعي أم دليل على انتشار ذبابة اللشمانيا في الريف الإدلبي؟
صحيفة حبر زارت مركز مدينة أرمناز لمعالج اللشمانيا لمعرفة حقيقة انتشار هذا المرض الجلدي الخطير.
(نافع جقل) معالج اللشمانيا في مركز أرمناز يقول: “بشكل يومي تأتي إلينا عشر حالات جديدة مصابة بقرصات ذبابة الرمل أو اللشمانيا، وفي الشهر الخامس كان عندنا 850 إصابة باللشمانيا، وفي الشهر الرابع كان هناك 750 إصابة وهذا عدد كبير نسبياً، معظم الحلات تأتي من مدينة أرمناز والباقي تأتي من مناطق مختلفة كجسر الشغور وحارم وسلقين وكفر تخاريم والبيرة وحفسرجة ومناطق أخرى كثيرة.
في السنوات الثلاث الماضية كان هناك عدد من الإصابات باللشمانيا وكانت ضمن المقبول، لكن هذه السنة أصبح الوضع غير طبيعي، وقد أتتنا حالة واحدة فقط (لشمانيا حشوية) وهذا النوع خطير جداً لأنه يصيب الكبد عن الأطفال ثم يؤدي إلى الوفاة.
نعالج عددًا كبيرًا من المرضى بشكل يومي، وقد يصل حتى الخمسين حالة، بالإضافة إلى الحلات الجديدة التي تأتي لتسأل عن نوع القرصات الجديدة.
الكادر عندنا لا يكفي لمعالجة هذا العدد الكبير من الإصابات لكن هناك بعض المتطوعين يساعدوننا بهذا العمل.
المعالجة بشكل عام تكون بثلاثة طرق:
1- موضعي من خلال بخِّ مكان الإصابة بمادة الآزوت، لكنه غير موجود.
2- موضعي من خلال حقن العلاج مكان الإصابة داخل الجلد.
3- حقن عضلي إذا كان هناك عدة قرصات، لكن هذا يتطلب تحليل كبد قبل البدء بهذا العلاج.
نحتاجه شهرين لعلاج قرصة واحدة؛ لأنها تحتاج إلى ثماني جلسات في كل أسبوع جلسة، لكننا نتمنى أن يتوفر عندنا العلاج بمادة الآزوت لأنه يسهل علينا العمل وخصوصاً مع القرصات ذات الحجم الكبير”.
يضيف الدكتور (صالح حاج طاهر) مدير مركز أورينت الصحي في أرمناز: “سبب كثرة حالات الإصابة باللشمانيا هو كثرة الوافدين إلى مدينة أرمناز وخلق مخيمات وسكن عشوائي نتج عنه اكتظاظ كبير مع وجود برك مكشوفة وصرف صحي مكشوف ومكبات قمامة قريبة، لذا يجب أن يكون هناك إجراءات للوقاية عن طريق رشِّ المبيدات الحشرية واستخدام الناموسيات ووضع الشبك على النوافذ وتغطية مكان الإصابة بلاصق”.
زرنا أيضًا رئيس مجلس مدينة أرمناز (حسن سرداني) لمعرفة الإجراءات التي يتخذها المجلس للحدِّ من انتشار هذه الذبابة، وقال: “الإصابات كثيرة في أرمناز وفي جميع المناطق المحاذية لها، وقد ينتقل المرض إليها بسبب الاتصال العمراني، وهذه المناطق كلها مؤهَّلة لنقل المرض لأنها تعاني من نقص الخدمات والصرف الصحي مثل حال أرمناز، إذ يوجد فيها تربية للحيوانات مع امتداد الأراضي الزراعية.
المجلس يعمل ما بوسعه للحدِّ من انتشار الذبابة لكن للأسف لا يوجد أي دعم للمجلس حالياً، كانت منظمة بنفسج تدعم المجلس لكنها قدمت آخر مشروع في الشهر الثاني والشهر الثالث، والآن منذ الشهر الرابع نجمع التبرعات من الناس لكي نعطي رواتب لعمال النظافة، في الشهر الخامس جمعنا نصف راتب 18500 ل.س فقط لكل عامل وعندنا 40 عاملاً في البلدية، أما المحروقات الموجودة عندنا فمخزنة من قبل ربما تكفينا للشهر القادم فقط.
نحن نحاول ردم البرك بما أتيح لنا وننقل القمامة بشكل شبه يومي إلى مكب قريب من المدينة، لأن إمكانيات المجلس متواضعة وأعباء عملية النقل مكلفة، في 2016 كانت منظمة جول تدعمنا بالمحروقات، وكنا نرحل القمامة إلى المكب النظامي المدروس فنياً الذي يبتعد 5 كيلو عن أرمناز وهناك كلفة كبيرة للوصول إليه.
كان عندنا القليل من المبيدات الضبابية القديمة المنتهية الصلاحية وقد استعملناها ورششنا منها مرة واحدة في كامل المدينة واستهدفنا الأماكن التي فيها برك بكمية أكبر، ورششنا الأقبية التي يوجد فيها تربية حيوانات، وكان عندنا كمية قليلة من مبيد (الديسيس) قُدم لنا من خلال أشخاص وهذا مبيد حشري يستخدم للمزروعات لكننا استخدمناه أيضاً تجاوزاً لرش المكبات؛ لأن المبيدات الأساسية غير متوفرة وإدخالها من تركيا صعب جداً إلا من خلال المنظمات”.
وقمنا بزيارة (مصطفى العيدو) معاون مدير الصحة في مدينة إدلب لوضعه في صورة انتشار المرض والإجراءات التي يمكن أن تتخذها المديرية للحدِّ من انتشاره
“يوجد عندنا علم بانتشار ذبابة اللشمانيا في جميع المناطق المحررة وليس في أرمناز فقط، وقد ساعد على انتشارها هذه السنة كثر الظروف الجوية الدافئة التي ساعدت على بقائها على قيد الحياة في الشتاء الماضي، والسبب الثاني والأهم أن الحملة السنوية للبخ لم تنفذ هذه السنة إلى اليوم.
هناك عدد من المجالس المحلية تقوم بجهود فردية وتأمن المبيدات وتبخ بشكل فردي وهذا يعتبر حلاً إسعافيًّا مبدئيًّا. للأسف يوجد عجز على مستوى المحافظة للعمل على منع انتشار هذه الحشرة والوقاية منها، عادةً تقوم منظمة المنيتور بمنحة لبخ كامل المناطق المحررة، إذ كانت مكلفةً بتأمين الأدوية ومستهلكات العلاج، لكن هذه السنة المنظمة متعسرة، ونحن مديرية الصحة نضغط كثيراً على المنظمات الداعمة والداعمين ومنظمة الصحة العالمية من أجل تأمين منحة لمنظمة المنيتور من أجل إعادة البخ وتوفير فرص الوقاية.”
هل يمكن أن تنتشر هذه الذبابة في مدينة إدلب؟
“قد تنتشر هذه الذبابة في أي مكان، لكنها لا تفضل الانتشار في المدن وقد يكون انتشارها قليل جداً لأن هذه الذبابة لا تحبُّ الضجة والسيارات والأماكن المأهولة وغالباً تنتشر في الأرياف”.
ما نستطيع فعله في هذه الظروف هو الوقاية، ونشر الوعي بين الناس من خلال المنشورات والإعلانات في الشوارع للحدِّ من تأثير المرض وتقليل عدد الإصابات بالقَرص. لكن هناك أمر مهم أشار إليه مسؤول معالجة اللشمانيا أن سبب استفحال معظم حالات القرص وجود عدد من الصيادلة يعطون أدوية ومراهم لمصابي اللشمانيا رغم علمهم بعدم فعاليتها للشفاء، لكنهم يبيعونها للمصاب من أجل المكسب المادي!