أضحى التعليم في فترات ما قبل اندحار تنظيم “داعش” من ريفي حلب الشمالي والشرقي، في أسوأ حالاته حيث تعرضت هذه الأرياف لحملة تهجير كبيرة دعت الأهالي في المنطقة للبحث عن باب رزق وأمان فقط، متناسين دور التعليم وضرورته، وكذلك المناطق التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم كانت أسوأ حالاً فقد أصبحت فيها المدارس مقراتٍ للتنظيم ومكاتب شرعية كالحسبة وغيرها، وكان التنظيم يضيق الخناق على الأهالي، مما مكنه من أن يكتسب عناصر جدد التحقوا في صفوفه، وإبان عمليات التنظيم واقتحاماته على منطقتي اعزاز ومارع كان التعليم في هذه المنطقتين متقطعاً، ولكن خلال عمليات درع الفرات وبعد طرد التنظيم من المنطقة نهاية 2016م تمكنت التربية التركية من ترميم المدارس داخل المناطق التي تضررت من القصف، وكذلك استطاعت دعم المدرسين برواتب بعد إخضاعهم لدورات تربوية داخل مناطقهم.
ودعت الحاجة إلى طباعة مناهج وتوفير فرش للمدارس، من مقاعد وسبورات، وكان ذلك بإشراف التربية التركية، كما استطاعت تركيا إدخال لغتها في المدارس السورية وأصبحت كمادة تدرس من خلالها مبادئ القراءة والكتابة، واستهدفت هذه اللغة الصفوف الدنيا من الثاني إلى الثانوية العامة كمادة رئيسية مفضلة عن الإنكليزية.
في حين لم تستطع التربية التركية جلب متخصصين في هذا المجال لصعوبة تأمين العدد الكافي من المدرسين بما يتناسب مع عدد المدارس في تلك المنطقة، واتجهت إلى تدريب غير المختصين الذين عاشوا في تركيا لسنوات عدة تمكنوا فيها من الخضوع لدورات داخل الأراضي التركية مكنتهم من تعلم مبادئ اللغة، ومع عودة هؤلاء المدرسين أقامت لهم التربية التركية دورات تربوية كالمحادثة في اللغة التركية وكذلك الكتابة إضافة إلى قواعد اللغة، لتأهيل دخولهم إلى الصفوف.
كما التقت “جريدة حبر” الأستاذ “محمد بكور” أحد مدرسي اللغة التركية بالمنطقة، قال: “خضعنا لدورة مكثفة مدة عشرة أيام متتالية، ثم خضعنا لاختبار شامل للمادة التي دُرست لنا”، والدورة كانت بعد إعلان صدر عن مديريات التربية في مناطق اعزاز ومارع والباب وجرابلس وغيرها، وكان القبول بشريطة حمل المتقدم للتعليم شهادة “تومر”، ولكن بسبب عدم وجود أشخاص من حملة الشهادة، انتقت التربية عدداً من المدرسين الخاضعين لمستويات، ولكنهم لم يحصلوا على الشهادة، تم إخضاعهم للدورة ثم تخريجهم وتوظيفهم في المدارس.
وأضاف بكور “لا يمكننا القول إن جميع مدرسي اللغة التركية يجيدون تدريسها بشكل كامل لكن البعض منهم يفتقد للمحادثة أو القواعد والقليل من يملك الاثنتين معاً”، كما أنهم سيخضعون لدورة شاملة في العطلة الصيفية، داخل الأراضي التركية.، كما أكد أن اللغة لاقت ترحيباً شديداً في المنطقة لأن الطلبة في المناطق الواقعة تحت الوصاية التركية بحاجة للغة لقربهم من الشعب التركي في التعامل، وربما السفر إلى تركيا في وقت لاحق والدراسة في جامعاتها.
وتبرز أهمية اللغة التركية في مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي التي وقعت تحت الإدارة التركية، بأنها اللغة الأقرب للمجتمع بعد العربية خصوصاً أن المنطقة تخضع تحت سيطرة تركية بحتة تعتمد فيها على المجالس المحلية التي تقدم الخدمات ومنها التعليمية، كما يعتمد المجتمع في المنطقة على البضاعة التركية وتعد ضروروية حتى في التعامل اليومي.
والمشكلة الأهم أن وجود اللغة التركية، واللغة الإنكليزية والفرنسية داخل المدارس السورية، أثرت بشكل أو بآخر على اللغة العربية، فما هي الحلول التي يجب أن تضعها التربية لتتمكن من سد ثغرات النقص في اللغة الأم؟