سجلت الليرة السورية أعلى معدل هبوط لها في تاريخ سورية، حيث شهدت في الفترة الأخيرة تدهوراً كبيراً أثر بشكل سلبي وأساسي على حياة المدنيين، ليرتفع سعر صرف الدولار إلى 650 ليرة سورية، تدهور كبير لليرة السورية أمام صرف الدولار، رافقه ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطبية وأسعار المازوت والبنزين وباقي المشتقات، وبشكل عام فإنَّ هذا الارتفاع شمل كل نواحي الحياة المعيشية والاستهلاكية وحتى الخدمية للمواطن الذي يعتبر المتضرر الأبرز في ذلك.
عزا خبراء اقتصاديون ذلك الارتفاع إلى عدة أسباب أهمها: حالة الفوضى وعدم الاستقرار في سوريا، وذلك جراء الحرب الدائرة منذ الخمس سنوات الماضية، إضافة إلى عدة أسباب أخرى يكون لدى تجار السوق السوداء علاقة بها، وذلك لمصالح شخصية متناسين شعبا بأكمله بات يعيش أكثر من ثلثيه تحت خط الفقر نتيجة الارتفاع المستمر للدولار مقابل الليرة السورية.
بناء على ذلك الوضع الاقتصادي المنهار يوماً بعد يوم آثرت صحيفة “حبر” الأسبوعية إجراء استطلاع لآراء الناس حول موضوع الارتفاع المستمر للدولار، وكيف باتوا يستطيعون التعايش مع ذاك الوضع؟ وماهي الحلول والبدائل لديهم إذا ما تابع الدولار صعوده نحو أسعار أعلى من ذلك؟
أيمن 30 سنة بائع جوال: “بات المواطن لا يمكنه تحصيل أدنى متطلبات حياته المعيشية، فالأسعار ارتفعت أضعافا مضاعفة، ودَخلُ المواطن مازال شبه محدود، هذا إذا كان بالأصل من أصحاب الدخل، والخبز الذي يعتبر قوت الناس ارتفع، معللين ذلك بارتفاع سعر المازوت والبنزين وأجرة الحمولة وغيرها، والفواكه بتنا نراها في المحلات فقط، وأصبح الأولى أن يستطيع الشخص تأمين سعر الخضروات اللازمة للطعام.”
غسان50 سنة بائع خضروات: الناس أصبحوا في حالة ذهول من الارتفاع السريع للدولار، سابقاً كان الناس يشترون من كافة أنواع الخضروات وكذلك الفواكه، أمَّا الآن أصبحوا يسألون عن أسعارها فقط ويشترون بالحبات، ونحن بالمقابل مضرين على أن نبيع حسب السعر الذي يفرض علينا من المنبع الأساسي، ممَّا يؤدي إلى عدم الاستقرار على سعر معين.”
أبو أحمد 45 سنة صاحب محل ألبسة: أنا من جهتي ندمت لأنَّه لم نوافق على إدراج الليرة التركية في السوق ضمن المناطق المحررة، واعتبارها عملة أساسية وبديلة عن الليرة السورية التي هوت إلى الحضيض، ففي البداية أنا وغيري من الناس لم نقبل الفكرة المطروحة ورفضناها بشكل قاطع، لكن يبدو أنَّها كانت الحل الأنسب والأمثل لوضعنا الذي نعيشه، من كان يتوقع أن تنهار الليرة السورية كل هذا؟! إذا فكرت أن تشتري لوازم طعام عن يوم واحد تدفع 2000 ليرة، فطبق السلطة بات يكلفك 500 ليرة، عدا بقية المصاريف اللازمة التي إذا جمعناها مع بعضها تفوق الدخل الذي يكسبه الشخص بأضعاف مضاعفة.
خبير اقتصادي: “في الوقت الراهن من الصعب إيجاد آلية تتحكم بسعر الصرف، حتى المصرف المركزي نفسه بات عاجزاً عن تدارك الانهيار المستمر لسعر صرف الليرة السورية، كما أنَّ سبب مشكلة الانهيار المستمر لليرة معقد ومتشعب، كما أنَّه مرتبط بالكثير من الأسباب على الصعيد المحلي، فقد زاد الاعتماد وبشكل كبير على الاستيراد للكثير من الحاجيات، وذلك لتغطية ولو جزء من الاحتياجات المحلية والتي كانت تعتمد بالأساس على منتجاتها المصنعة من قبل المنشآت الصناعية التابعة لها، والتي قد قصفت بشكل ممنهج لكسر عجلة اقتصاد الحياة التي كان الناس يعتمدون عليها، عدا عن احتكار التجار وخاصة تجار السوق السوداء للأموال وتحكمهم بسعر الصرف، فهم يريدون كسب مرابح أكثر وأكبر وبوقت أقل غير مبالين بالناس.
أمَّا على صعيد الوضع الاقتصادي للدولة، فإنَّ نظام الأسد هو المسؤول الأكبر عن الانهيار المستمر لليرة السورية، وذلك بسبب حالة الحرب، إضافة إلى قيامه بتدمير 90% من المنشآت الصناعية والخدمية ممَّا أدى إلى تفاقم الوضع وتأزمه أكثر ممَّا كان عليه، ضف إلى ذلك المبالغ الطائلة التي ينفقها على حربه ضد شعب سورية، ولا يخفى على أحد أنَّ تدخل إيران وروسيا في الحرب السورية ليس بدافع الحفاظ على مكانة وكرسي بشار، بل لأجل مصالح وأطماع أكبر من ذلك.”
الاقتصاد السوري لا يحتاج إلا لفترة من الاستقرار، وسيعود أقوى من السابق، الأمر عبارة عن تحدٍ ووقت، فالناس في الوقت الحالي ومع ذلك الارتفاع يحاولون أن يجدوا لأنفسهم مخارج لتحسين ظروف حياتهم.
في النهاية الحياة مع الليرة السورية أو التركية أو الدولار أو اليورو وغيرها مستمرة لا محالة سواء ارتفعت العملة أو انخفضت.
استطلاع: عمر عرب