شهدت السنوات الأخيرة في المناطق المحررة نشاطاً مدنياً ملحوظاً تكاتفت في إنجازه وتفعيله أيادي المنظمات والجمعيات والمؤسسات المدنية التي نشأت عن الاحتياج المجتمعي لتحاول بإمكانياتها المادية البسيطة أن تعيد العمل المدني إلى المناطق المحررة بعد أن شهدت النواحي الاجتماعية كالتعليم والصحة تراجعاً ملحوظاً نتيجة السياسة القمعية والهمجية للنظام السوري.
وبالإضافة إلى الجمعيات والمنظمات تظهر المجالس المحلية كعامل مدني مساعد لهذه الجهات في دعم المناطق المحررة خدمياً وتعليمياً، لتؤكد بسلميتها زيف ادعاءات إعلام النظام الذي حاول بشتى الوسائل تسييس هذه المجالس وإظهارها منضوية تحت جناح العسكرة، لكن أعمال هذه المجالس في حماية المدنيين وتأمين حياة كريمة لهم من خلال تقديم خدمات الصحة والرعاية والتعليم كانت خير دليل على أنها مؤسسات محلية انطلقت من رحم المعاناة والعوز الاجتماعي.
يبرز دور المجالس المحلية في التعاون مع المنظمات الإغاثية، وذلك بتقديم لوائح بأسماء الفقراء والنازحين والمحتاجين، بالمقابل تتواصل مع الجهات المختلفة للحصول على مساعدات خدمية كتعبيد الطرقات وتخديم القرية بالمياه وترميم المدارس وغيرها من الأعمال التي يأخذ فيها المجلس دور المنظم وفي بعض الأحيان دور المنظم والمنفذ، فهو الجهة المحلية الوحيدة التي تسعى للنهوض بالخدمات المحلية على مستوى القرى والبلدات.
وتنتشر المجالس المحلية في كل القرى والبلدات في ريف حلب الغربي وأرياف إدلب، وساعد على انتشارها التعاون بينها وبين المنظمات والجمعيات بالإضافة إلى توحيد هذه المجالس تحت لواء مجلس محافظة يشرف على انتخاب ممثلي المجالس وينظم عملها ويساهم في دعمها مادياً ومعنوياً.
صحيفة حبر زارت مجلس بلدة أورم التي شهدت في الفترة الأخيرة عدداً لا بأس به من المشروعات المدنية والخدمية التي ساهمت في رفع المستوى المعيشي للسكان ليقدم المجلس بإدارته مثالاً عن التعاون الذي تصيب ثماره البلدة بأكملها.
صحيفة حبر سألت الأستاذ محمود أبو نوري عن سياسة المجلس العامة في التعاون مع الجهات الأخرى كالحكومة المؤقتة، وعن آلية اختيار ممثلي المجلس والمشاريع التي قام بها والمشكلات التي يواجهها.
الأستاذ محمود قال:” نفذ المجلس المحلي عدة مشاريع كبيرة وصغيرة بلغ عددها حوالي /20/ مشروعاً للبلدة أهمها: تعبيد طرقات البلدة وإصلاحها من الحُفر، وإنشاء مركز ذوي الاحتياجات الخاصة بالشراكة مع منظمة أجاكس، والشرطة الحرة، وإنارة الطريق العام بواسطة الطاقة الشمسية مع إنارة مركز المجلس المحلي ومخفر الشرطة الحرة.
وقمنا بحفر بئر ماء وتجهيزه من قبل منظمة الإحسان مع بناء خزان سعة (100م3) بشكل دائري مع توسيع شبكة المياه في البلدة بطول /4000م/ إضافة إلى مشروع ضخ المياه للبلدة بدعم من برنامج (bllc) لمدة خمسة أشهر، كما قمنا بتجهيز مقبرة للبلدة بدعم من المجلس المحلي.
وقمنا بتقديم دعم مباشر من أهالي البلدة لمهجري الغوطة عن طريق المجلس، وتم إرسال ثلاث دفعات منها (إسفنج – بطانيات – شوادر- ألبسة – غذاء – تأمين عدد من المنازل لإيواء أهلنا في الغوطة) وكل ذلك كان تقدمة من أهل البلدة”
ويضيف الأستاذ محمود: “العلاقة مع الحكومة المؤقتة جيدة ومتينة، ويوجد تنسيق متكامل مع مجلس المحافظة في جميع المجالات والمنظمات دورها فعال وننسق معاً في جميع المجالات على أكمل وجه.”
أما عن المشكلات التي يواجهها المجلس يقول السيد محمود: “إن أهم التحديات التي يواجهها المجلس تحديات أمنية إضافة إلى قلة الدعم المادي بسبب عدم وجود مصادر دخل للمجلس سوى الجباية التي لا تسد حاجة المجلس في تقديم الخدمة اللازمة للبلدة”
وعن طريقة اختيار ممثلي المجلس يقول: ” نختار ممثلي المجلس عن طريق الانتخابات من قبل أهالي البلدة أما الموظفين والعاملين في المجلس فعن طريق المسابقات التي قام بها المجلس لتعيين أصحاب الكفاءات من ضمن المتقدمين للمسابقة.”
مع ازدياد الحراك المدني في المناطق المحررة وانتشار الدورات التدريبية والمؤتمرات تزيد معها ضرورة المجالس المحلية في تمثيل المجتمع السوري والدفاع عن حقوق المدنيين داخل المناطق المحررة فقد نجحت المؤسسات المدنية التي شكلتها أيادي المدنيين أكثر من نظيراتها العسكرية في تأمين حياة أفضل داخل المناطق المحررة.