علي سندة |
بعد أكثر من عام على اتفاق التسوية الذي نصَّ على خروج الثوار من درعا إلى الشمال السوري، ماتزال عمليات الاغتيال بأنواعها مستمرة ضد قوات النظام، وضد رموز الثورة في درعا واعتقالهم، بل تعدتها مؤخرًا إلى استهداف الدوريات الروسية التي تجوب مناطق درعا لحفظ الأمن.
حيث تم يوم أمس الجمعة 11 أكتوبر استهداف دورية للشرطة العسكرية الروسية على طريق إنخل – جاسم بريف درعا الشمالي بعبوة ناسفة أدت إلى إصابة عنصر من الشرطة العسكرية الروسية وإصابة عنصرين من قوات النظام كانا مرافقين، تبع ذلك انفجار عبوة أخرى أثناء مرور دورية للنظام دون تسجيل إصابات، وسط تعتيم إعلامي من قبل روسيا وعدم التصريح بأي شيء حيال التفجيرات التي استهدفت الدوريات الروسية.
إلا أن إعلام النظام السوري تطرق لعملية تفجير العبوتين ووصف من قام بها (بالمجهولين) فما رسائل هؤلاء المجهولين؟ ومن هم؟
المجهولون يمكن تقسيمهم إلى قسمين، الأول: هم من أبناء درعا الذين بقوا فيها ضمن عملية التسوية التي تمت في تموز 2018 بغض النظر عن موقفهم من البقاء والرضا بالتسوية وعدم الخروج إلى الشمال، والقسم الآخر: هم مجموعة من عملاء النظام.
فأما القسم الأول من المجهولين فهم أبناء المصالحات الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام عدم تحقيق الضمانات التي تكفلت بها روسيا لهم كغيرهم من أبناء الغوطة وريف حمص الشمالي، فصاروا عرضة للاعتقال من قبل النظام خاصة الرموز منهم، وتم سوق الآخرين بالإكراه إلى الفيلق الخامس ليكونوا وقودًا لعمليات النظام الأخيرة في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، فقتل منهم الكثير وفُقد من فُقد وسط عدم الاهتمام لأمرهم، بالإضافة إلى حالة الانفلات الأمني في درعا، وتردي الوضع المعيشي، وتسلط عناصر الأمن على المواطنين من جديد، والدوريات الروسية الشكلية التي من المفترض أن تكون ضامنًا للذين رضوا بالتسوية، كل ذلك خلق ردًّا من هؤلاء المجهولين كان واضحًا عن طريق تنفيذ سلسلة من الاغتيالات لرموز النظام وعملائه لا سيما استهداف حافلة المبيت الخاصة بالفرقة الرابعة، وتفجير آخر استهدف ضابطًا برتبة عقيد في تموز الماضية، بالإضافة إلى ضرب العديد من الحواجز ردًّا على الاعتقالات.
وأما القسم الثاني وهم مجهولو النظام، فقد أعدهم النظام بشكل خبيث لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات لم تقتصر على طرف بعينه إنما طالت كل القوى الموجودة في درعا ليسود النظام، حيث تم استهداف عناصر من الفيلق الخامس التابع لروسيا لعدم ثقته بهم لأنهم يومًا ما كانوا ضده، وكذلك عمل على اغتيال العناصر الرافضين للتسوية، لكن كل تلك الاغتيالات كانت بطريقة ممنهجة مدبرة، إذ إن كل الذين تم اغتيالهم من أبناء درعا، وبالتالي اعتمد بالاغتيال على تخريب النسيج الاجتماعي خاصة أن أبناء منطقة درعا ذو طبيعة عشائرية لخلق الثارات فيما ببينهم.
إن طبيعة الاغتيالات وأهدافها في درعا تتخلص كما تقدم في طرفين لهما دوافعهما وأهدافهما، لكن من يقف وراء استهداف الشرطة العسكرية الروسية البارحة؟ علمًا أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها استهداف دورية عسكرية روسية، ففي تموز الماضي، تعرضت دورية روسية لهجوم بعبوة ناسفة أيضًا من قبل مجهولين في ريف درعا الشرقي، وكان ذاك الهجوم الذي تم تنفيذه هو الأول من نوعه على قوات روسية منذ سيطرتها على المحافظة العام الماضي.
ربما تكون إيران وراء استهداف الدورية الروسية عبر أداتها النظام السوري؛ لتعزيز وجودها ومليشيات حزب الله على حساب الروس والضغط عليهم عبر الاغتيالات للانسحاب من المنطقة خاصة وكبح سلطة الفيلق الخامس بقيادة سهيل الحسن وتقليص نفوذه.
وربما يكون وراءه أبناء درعا الذين طفح بهم الكيل من تصرفات النظام وفهموا خلفية الاغتيالات المتنوعة وغايتها في ضرب نسيجهم الاجتماعي، فراحوا يضغطون على روسيا لكبح جماح النظام وشهوته الأمنية والضغط لتنفيذ وعود التسوية التي تمت في تموز الماضي 2018