عبير علي حسن
حكاية المرأة حكاية التاريخ، وقضيتها قضية العصور، ليس في قاعات المحاكم وحدها بل في ميادين الحياة أجمعها، وحديث يجر آخر وتتوالى اﻷحاديث.
“المجتمع ظالم يفضل الرجال على النساء، فالرجال دائماً هم الظالمون يفضلون أنفسهم على النساء في كل مفاصل الحياة التي يتواجدون فيها معنا نحن معشر النساء”، هذا ما يختلج في أعماق جل النساء، ولهذا فإنه يعتبر اعتراف رسمي منهن أن المجتمع هو الرجال والرجال هم المجتمع.
لا بأس أن تتفوه حواء بما يدينها أحياناً، فتارة تشتكي المظالم الاجتماعية وكافة أشكال العنف، وتارة أخرى تشتكي التمييز وعدم المساواة وتنادي بالتحرر، لا بل وتطلب أشياء وأشياء هي أبعد بكثير من أن تقدمها لنفسها.
الرجال جمع غفير وقت الهوى، وقلب واحد عندما يتعلق اﻷمر بقضاياهم، يساندون بعضهم بعضاً ويستميتون دفاعاً عن أنفسهم حتى وإن كانوا على خطأ، فهم لا يغيرون مبادئهم باختلاف ظروفهم، وأجزم لو أن أحدهم أخطأ وارتكب الفاحشة لسارعوا جميعاً في التستر عليه وخلق الأعذار والمبررات له.
أما أنتن أيتها النسوة الحيارى (فالشكوى لله)، منظارنا يا سيدتي ذاك السري، تعرفينه جيداً، خبأناه أنا وأنت منذ زمن بعيد ضمن سلات المهملات وتركناه لتعيث الغبار فساداً فيه.
أختي وحبيبتي كيف تطالبين بإنصافك وأنت أصلاً لا تنصفين نفسك؟! تريدين رفع الظلم وتسارعين في ظلم نفسك.
دعي المجتمع جانباً، والرجال كذلك، فإن لم تصدقي ما قلت فدعيني أمسح عن منظارنا الغبار، وما يظهر جلياً للعيان، فليكن حكماً بينك وبينك أيضاً، فمتأكدة أنا مما أقول.
نعم أنت من فعل هذا، أنت من هيأ الظروف لكل هذا، كنتِ الراعي الرسمي لذلك، والمصدر الممول الداعم بالمواد التمثيلية.
كفانا تبجحاً بقضية النساء، كفانا تمثيلاً للدور المظلوم، ألست من تشتكين ظلم “أم زوجك” لك وأنت تشجعين أمك على ظلم زوجة أخيك؟! أولست من تعاملينها بكل قبح وتموتين غيظاً من معاملة “أخت زوجك” لك؟!
أما تبكين بحرقة عندما ترفع ابنتك صوتها أمامك، وأنتِ من أبكى أمك بعقوقك
ليال طوال! وتشتمين حظك المقيت الذي جمعك بزوج لا يستحقك، وفي المقابل تريدين لابنك الفاشل المتهور أفضل الفتيات بلا مبالاة لمصيرها معه! ألست من تضعين العيوب والأعذار في بنات جنسك؟ مطلقة، عانس، قبيحة، قصيرة، سمراء، وكذلك تتألمين من خيبتك بصديقتك وإفشائها لسرك، وباﻷمس كان سرها ذائعاً ومتداولاً في الحي؟!
وكم تطالبين والديك بالعدل بينك وبين إخوانك في الميراث وإعطاء كل ذي حق حقه وأول ما يجول في خاطرك عندما يكبر أطفالك هو ” سأسجل كل شيء باسم الأولاد ولا يأخذ الصهر من مالنا”، تحرمين بناتك لحساب ” البكر المدلل” فليحفظه الله لك.
ماذا أحصي بعد؟ هل تعلمين أنني ازداد قناعة كلما تعمقت بالتفاصيل والوقائع
أن نصف دعواك لا بل أكثر هي من صنع يديك.
رأفة بنفسك حبيبتي، ورأفة ببنات قضيتك، أفلا يستحق اﻷمر منك إعادة النظر؟ أقولها بخجل، حقاً.
1 تعليق
Nour kejjah
وفقكِ الله اسلوبك جميل وطرحك للفكرة كان رائعاً وفعلاً أكبر عدو للمرأة هي المرأة.