منذ بداية الثورة السورية استحضرت المرأة الصحفية كل أنواع القوة والجرأة والصلابة لتكون حاضرة في مهنة المتاعب “الصحافة ” حيث شاركت في العمل الصحفي إلى جنب الرجل وأدت دورها من خلال وجودها الدائم في قلب الحدث.
السيدة (ميسا المحمود) صحفية ميداينة وصفت لصحيفة حبر مشاركتها في تغطية المعارك حيث قالت: “رغم كل المصاعب التي كانت تواجهني إلا أنني كنت أغطي الأحداث وأنزل إلى الساحات حاملة الكاميرا لأساهم بنقل الحقيقة، وأعزز دور المرأة الصحفية وأثبت وجودها حتى في أصعب الظروف.”
السيدة (ميسا) تحدثت لنا عن عدم تقبل المجتمع لعمل المرأة الصحفية في بداية الثورة خاصة في أعوامها الأولى، لكن الأمر اليوم تغير وأصبحت مشاركة المرأة في العمل الإعلامي واضحة، وباتت تأخذ دورها في العمل الصحفي، تقول: “المرأة اليوم لديها هدف واضح وهو نقل الواقع بظروفه المختلفة، ونقل صورة حقيقية عن حياة المرأة بشكل عام في ظل الثورة وما عايشته من عنف ونزوح وتهجير وتشريد خلال سبع سنوات ماضية، وهذا الأمر يصبح أكثر مصداقية عندما تنقله عين المرأة الصحفية.”
وتحدثت السيدة (ميسا) عن قلة التدريبات الصحفية وعدم وجود هيئة أو جهة تتبنى عمل الصحفيات وتقوي من وجودهنَّ وفاعليتهنَّ على أرض الواقع، فهناك عدد لا بأس به من الصحفيات الموجودات في إدلب وريفها، لكنهنَّ لا يمارسن عملهنَّ ودورهنَّ في المجتمع.
الآنسة (ليلى البحصة) خريجة إعلام وصحافة، لكنها لم تتمكن من مزاولة مهنتها قط خاصة مع بدء الثورة وسيطرة الفصائل وصعوبة وجودها في الميدان، فقررت التوجه إلى مهنة أقل مشقة ومناسبة لطبيعتها كامرأة، تقول: “كنت أرغب أن أحمل الكاميرا وانقل ما تراه عيني من أرض الحدث، لكن أهلي عارضوا الأمر لما فيه من مشقة وصعوبة، وفضلوا أن أعمل معلمة في إحدى المدارس.”
الآنسة (ليلى) واحدة من كثيرات منعتهنَّ الحرب والأوضاع المتوترة وتعصب المجتمع من ممارسة عملهنَّ كصحفيات وُجِدنَ في مناطق النزاع المسلح وكنّ أقدر على نقل الحدث.
رغم أن المرأة كانت المتضرر الأكبر من هذا النزاع والفوضى الاجتماعية التي ألحقت بها الأذى النفسي والجسدي، إلا أنها تبقى الأقدر على تشخيص مواطن الخلل والضعف في المجتمع من ناحية الأسرة وإيجاد الآلية المناسبة لتجاوزها، هذا ما أكدته الصحفية (سلوى عبد الرحمن) وهي من الصحفيات اللواتي واكبنَ الثورة منذ لحظاتها الأولى في مدينة إدلب، حيث خصصت عملها في مجال الكتابة ونقل القصص الواقعية عن النساء السوريات سواء النازحات أو الموجودات في المدينة، فكانت لسانهم الذي يتكلم وعينهم التي تنقل الحدث والواقع على هيئة قصص تمسُّ الأسر السورية المنكوبة، تقول: “عمل المرأة في المجال الإعلامي بات ضرورة ملحة، فالنساء يثقنَ بالمرأة الصحفية ويرتحنَ بالحديث معها، وهذا ما لمسته شخصياً من خلال عملي كصحفية.”
من المهم جدا أن تكون أولوية المرأة الصحفية نقل هموم المرأة والتحديات التي تمرُّ بها والصعوبات التي تقاسيها، فكثير من التفاصيل كما ذكرنا سابقا لا يستطيع الرجل الحصول عليها أو التحدث مع النساء بشأنها لطبيعة المجتمع المحافظ.
كما أن المرأة الصحفية أقدر على التقاط المواضيع التي تخص النساء وتسبب هاجساً بالنسبة إليهنَّ لأنها جزء من هذا المجتمع وتشعر بما يعانيه غيرها من ضغوطات، كان هذا رأي الأستاذ (أحمد وديع العبسي) المدير العام لجريدة حبر، حيث أكد على مشاركة الكادر النسائي في الجريدة بنسبة جيدة، وأشاد بنشاطهنَّ ونجاحهنَّ في حمل هذه الرسالة السامية وأضاف:
“بالنسبة إلينا كانت إحدى أولوياتنا تمكين المرأة في مجال الصحافة ودعمها في كافة المجالات المجتمعية، فخصصنا لها صفحة ثابتة في الصحيفة، وأجرينا عدداً من الدورات التدريبية التي لتأهيل كاتبات، وأطلقنا مشروع (صحفيات) لتمكين المواهب في مجال الصحافة لممارسة المهنة.”
وهكذا استطاعت المرأة أن تمتشق القلم وتحمل قضية الثورة السورية على عاتقها رغم كل مسؤولياتها وواجباتها كأم وزوجة، فوفَّقت بين ذلك لتثبت أنها على قدر من المسؤولية والوعي، وتوصل صوتها للعالم من داخل سورية التي تتنفس دخان الحرب منذ سنوات.