بقلم: مروة عاصي
المرأة هي ذلك الكائن الرقيق، المليء بالرقة والعذوبة وجمال الإنسانية، هي الروح الطاهرة، واليد الحانية، والقلب الذي ينبض بالرقة والحنان وعذوبة الروح.
هي النفس المتألقة، هي الأم، والزوجة، والأخت، والصديقة، هي إحدى وصايا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال : رفقاً بالقوارير.
فالرفق هو: اللين، اللطف، التمهل، كيف لا وقد أعزها الإسلام وعزز مكانتها بالدنيا والآخرة.
وبالرغم من كل التوصيات التي وصّى بها رسولنا الكريم مازال الكثير غافلاً أو يتغافل بشأن المرأة ومعاملتها وحقوقها، ناهيك عن أنَّ البعض مازال ينظر إلى المرأة تلك النظرة الدونية التي تقتصر على كونها فقط آلة لتلبية احتياجات الأسرة، ورعاية الأطفال، ومتطلبات الزوج أيضاً التي لا تعد ولا تحصى.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهناك من يعنف المرأة ويرى أنَّها لا تساس إلا بالعصا أو الضرب المبرح.
فالعنف هو: أي اعتداء لفظي، أو جسدي تتمثل آثاره على الجسد من كدمات وجروح.
فظاهرة تعنيف النساء ليست ظاهرة جديدة، ومع استمرار تداعيات الحرب للسنة السادسة أصبحت الأمور أكثر انفلاتاً خاصة في ظلِّ غياب القانون وفقدان الأهل أو سفرهم، عدا عن ذلك كثرة الأرامل وارتفاع عدد النساء مقارنة بعدد الرجال، وتحكّم بعض الذين لا يفقهون حدود التعامل مع المرأة بأكثر من امرأة واحدة.
تقول ولاء ذات الواحد والعشرين سنة: “تزوجتُ منذ سنة، وعلى الرغم من عدم موافقة أبي التامة على زاوجي ومحاولاته الكثيرة بإقناعي برفضه تمَّ زواجنا سريعاً، وبدأت مشاكلنا بالظهور بعد أسبوع من زواجنا، وأخذت مشاكلنا بازدياد محتجاً بعدم محبته لي وأنَّه لم يستطع تقبلي كزوجة، هددني بالطلاق أكثر من مرة، وبسبب توسلاتي له بالعدول عن قرار الطلاق خوفاً على سمعتي، أخذ يستخدم أسلوب العنف معي من إهانة وضرب إلى أن أدمى جسدي، وما زلت أتحمل خوفاً من الطلاق وتسميتي مطلقة كوني في مجتمع لا يرحم.”
ولاء هي واحدةمن كثير من النساء اللواتي أخذ الصمت يأكل من أجسادهن وشبابهن، فصمت المرأة عن كلِّ العنف الذي تتعرض له، هو أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت المعنِّف يتمادى في عنفه ويبرر تصرفاته ويكون صاحب حق في مجتمع يرى أنَّ المرأة هي المسؤول الوحيد عن فشل العلاقة الزوجية، والشماعة التي تحمّل عليها كل الأخطاء.
لا ننسى أيضاً أنَّ الصمت إضافة إلى العادات والتقاليد هي إحدى أسباب العنف ضد المرأة، فالمجتمع الذكوري الذي يفضل الرجل على المرأة ساهم في تصغير دور المرأة، إضافة إلى تنشئة المرأة على تحمل العنف وصبرها على الأذى والسكوت عليه وجهلها بحقوقها الإنسانية سهل الطريق أمام الشخص المعنِّف. إضافة إلى عدم وجود قوانين رادعة ساهمت بانتشار العنف واستمراره، إضافة إلى الأوضاع المادية، فالصمت على العنف بسبب الوضع المادي كونها لا تستطيع إعانة نفسها وأولادها، أو لخشية الحرمان من الأطفال إذا وقع الانفصال أو الطلاق كون المجتمع مازال ينظر إلى المرأة المطلقة على أنَّها سلعة منتهية الصلاحية.
وللقاصرات نصيب من هذا التعنيف، فانتشار زواج القاصرات بكثرة خاصة في ظلِّ هذه الظروف وتيسير الأهالي لهذا الزواج متعذرين بضيق حال ذات اليد، والتخلص من مصاريف التعليم، والخوف من ضياع فرص الزواج بسبب انتشار العنوسة، وكون الفتاة دون السن القانوني للزواج ولم تخض غمار الحياة، وعدم إتمامها تحصيلها العلمي كان سبباً في جهلها لحقوقها، سهل ممارسة العنف ليس فقط من قبل الزوج بل أصبح ممارساً من قبل أم الزوج، العم، الخال، والابن أيضاً.
فحال اللاجئات السوريات ليس بأفضل، فخوف الآباء على بناتهم لعدم قدرته على حمايتها من التحرش أو الاغتصاب سرَّع في زواج الفتيات ممن يكبرهن، بغض النظر عن عمر الزوج أو حتى جنسيته، وكون الفتاة السورية اللاجئة أصبحت في متناول الجميع، سهل على المعنِّف تبرير تصرفاته بأن يحميها من الفقر وقد يأخذها للعمل كخادمة له ولعائلته.
وبحسب ما نشرته صحيفة ” رأي اليوم “: فقد أكدت دراسة متخصصة أعدتها جمعية النساء العربيات تعرض لاجئات سوريات في مخيم الزعتري في الأردن لانتهاكات كالعنف الجسدي بمختلف أشكاله، وانتشار زواج المتعة بينهن سواء كنّ قاصرات أم صغيرات.
إلى متى سيبقى العنف الممارس ضد المرأة لا يلقى ذلك الانتباه والاهتمام! على الرغم من كل حملات التوعية التي تقوم بها وسائل الإعلام والجمعيات والجهات المعنية لماذا لا تقوم بعض المنظمات التي تعنى بشؤون المرأة بتقديم بعض الأدلة والتوصيات لتساعد الحكومات والمؤسسات على التحرك لسن قوانين صارمة تساعد على معالجة هذه المسألة، وتخفيف الظلم عن المرأة والتحرك لعمل مراكز لتأهيل النساء المعنفات وتعليمهن حرفة أو مهنة تحميها من غدر الزمن وتكون لها سلاحاً في ظلِّ هذه الظروف الصعبة ؟! أم ستبقى المرأة المعنفة حبيسة الظلم والصمت؟!