بقلم : نور العليأخذت قضية تحرير المرأة حيزاً مهماً من تفكير الناس في العصر الحالي حتى عُقدت من أجل هذه القضية المؤتمرات والندوات التي تطالب برفع الظلم عن المرأة وإعطائها حقوقها التي حرمتها منها الأديان والأعراف والتقاليد، وقد استفحل هذا الأمر حتى خرج عن إطار اللهو والتسلية لبعض النساء الفارغات عن أي عمل لتنعكس آثاره الخطيرة على المرأة بالدرجة الأولى، وإذا كنَّا في لحظة من اللحظات أُعجبنا بامرأة شابة تعمل شرطية على الطريق أو جندية تحمل السلاح ووجدنا في هذا الأمر قوة إرادة وتحدٍّ عند من فعلن هذا، فإن الأمر خرج عن إطار التسلية عندما أصبحنا نرى امرأة أخرى عجوزاً تبحث في القمامة أو تجوب الشوارع تجر عربتها الثقيلة لتؤمن رغيف خبزها.ويبقى السؤال هل الإسلام قيّد المرأة وظلمها حتى يأتي الغرب ومن ينظرون إلى الغرب بعين الإعجاب محاولين رفع الظلم عنها وتخليصها مما حلّ بها من قيود وظلم وجور؟والباحث في أصل هذه القضية يجد أنها بدأت في الغرب ومع المرأة الغربيّة، لكن هذا لا ينفي ألا يكون للمرأة المسلمة معاناة، ولو كانت حياتها مشرقة دون ألم لما وجد أمثال هؤلاء منافذ وثغورًا يدخلون بها إلى مجتمعاتنا مطالبين بتلك المطالب، إلا أن الفرق بين الغرب و الإسلام شاسع، فالمرأة في ظلّ الإسلام لم يكن لها قضيتها الخاصة وخصوصًا بعد أن جاء الإسلام رافعًا من شأنها معظما من قدرها، إذ كانت المرأة في العالم كله في منزلة بين الحيوانية والإنسانية، بل هي إلى الحيوانية أقرب، تتحكَّم فيها أهواء الرجال، وتتصرف فيها الاعتبارات العاديَّةُ المجرَّدة من العقل، فهي تارة متاعٌ يُتخطَّف، وأخرى كرة تُتلقَّف، تُعتبر أداة للنسل، أو مطيَّةً للشهوات, وعليه فقضية المرأة تكمن بانحراف المجتمع عن قيم الإسلام.الصورة الحقيقية للإسلام ممكن أن تُقرأ واضحة في كتب السِّيَر والتاريخ الإسلامي التي ذكرت كيف كان للمرأة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام كيان إلى جانب الرجل تطالب بحقها الذي أعطاها إياه الإسلام بكل جرأة.لقد أثار الغرب عدة قضايا لتحرير المرأة ومضى يدافع عنها، كقضية الحجاب والميراث وتعدد الزوجات، متجاهلين أنهم هم من يظلمون المرأة ويحتقرونها في مجتمع موغل في الماديّة.في الإسلام واجب على الأب أن ينفق على المرأة، ليس هذا فقط بل من أحسن إلى ابنته دخل الجنة، وإن تزوجت انتقلت نفقتها إلى زوجها، يسكنها حيث يسكن، ويطعمها مما يأكل، بينما في ذاك المجتمع الذي لا يعرف إلا لغة المال إن لم تعمل المرأة لا طعام لها ولا مأوى، فالفتاة تغادر بيت أهلها بحثًا عن عمل وإن لم تكن عاملة فلا قيمة لها عند زوجها بل هي عالة عليه.وتعدد الزوجات في الإسلام لا يمكن اعتباره ظلمًا للمرأة على الإطلاق، إذ كيف لنا النظر إليه بهذا المنظار وفي عهد الرسول حصل التعدد وخير القرون قرن الرسول عليه الصلاة وأتم التسليم، أيعقل من جاء رحمة للعالمين أن يظلم امرأة؟! لا يمكن هذا، وعليه فالتعدد شرع إلهي لا يمكن لأحد إنكاره وإن كانت النساء يشعرن بالغيرة، التعدد حصانٌ للرجل المسلم، إذ سمح له الإسلام بالزواج من أربع فقط، بينما المجتمع الغربي أطلق العِنان للرجل يصاحب هذه ويضاجع تلك، ولديه عشرات الصداقات وزوجة واحدة هي من تهتم بالأولاد ومشاكلهم، ولديها عمل لا يمكنها التفكير بالتخلي عنه وتعود آخر النهار لتكتشف خيانة زوجها لها.الإسلام أوصى الأبناء بالأمهات، وجعل الجنة تحت أقدامهن، ووصايا رسولنا الكريم بالأم كثيرة لا تخفى على أي طفل مسلم، والغرب بعد أن تصبح المرأة عجوزًا تحتاج إلى من يساعدها ويكون عونًا لها يزج بها أولادها في دار المسنين ويجعلون لها يوما ليحتفلوا بها.لسنا بحاجة إلى رسائل وكتب تدعو إلى تحرير المرأة المسلمة، أشدّ ما نحتاجه هو عودة كل من الرجل والمرأة إلى الإسلام الحق وتطبيقه، يعرف كل واحد منهما واجبه وحقه لننعم بسعادة الدنيا وجنة الآخرة.