لقد تغيرت حياة المرأة كثيًرا بسبب الحرب. فمن ناحية، أتيحت للمرأة فرص في مجالات عمل جديدة لم يكن لديها من قبل. أصبحت الناشطات الإعلاميات صحفيات في المراحل الأولى من الثورة وخاطرن بحياتهن لتقديم قصص عن القصف وتوثيق الدمار والحصار الذي يحدث كل يوم في سوريا. وأيضا انضمت المرأة إلى الدفاع المدني كمساعدة في إنقاذ حياة الآخرين.
وقد عانت النساء السوريات كثيرا بسبب الحرب، وخاصة من فقدن أزواجهن أو عائلتهن. واضطرت النساء إلى تحمل المسؤولية الكاملة عن أسرهن أثناء تدمير منازلهن. ويعيشون يوما بعد يوم مع الخوف من قتل أطفالهم بسبب قنبلة، والتهجير القسري من مكان إلى آخر، واحتجاز أزواجهم، وفقدان الأمن والاستقرار بسبب دوامة النزوح والتهجير التي تنتهي عند أسوار المخيم. في سوريا، يخاطر عمال الإنقاذ المتطوعون المعروفون باسم “الخوذ البيضاء” بحياتهم لإنقاذ الناس من مواقع القنابل والغارات الجوية. أما النساء فاقتصرت مشاركتهن في البداية ضمن مجال الإسعافات الاولية بنسبة خجولة وقليلة نوعا ما. لكن في الآونة الاخيرة انضمت أكثر من ٤٠٠ من المتطوعات الشجاعات إلى فريق الدفاع المدني.
أن تكون امرأة في سوريا اليوم، يعني أن عليك أن تتعلم كيف تشرح لأطفالك ما يجري من حولهم لماذا فقدوا والدهم، لماذا لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة مثل الأطفال الآخرين في العالم، لماذا لا يمكنهم اللهو واللعب أو الذهاب إلى الحدائق. وفي أسوأ الأحوال، عليك أن تكون قادرا أن تشرح لطفلك لماذا فقد جزءا من جسده، وتبين له أنه تماما مثل أي طفل آخر حتى لو لم يكن لديه اليد، الساق أو العين.
النساء السوريات هن منقذات، ومسعفات طبيبات، وأمهات فقدن منازلهن وأزواجهن وأطفالهن. وعلى الرغم من كل ذلك، لم تفقد المرأة السورية شجاعتها أو مقاومتها أبدا.
لتكون امرأة في سوريا اليوم، يعني أن تكون أما ومعلما وممرضة في غياب المدارس والرعاية الطبية، والتفكير كل صباح عن كيفية حماية أطفالك، وتوفر لهم الغذاء والتعليم والسلامة والدواء إذا أصيبوا بالمرض الجروح من جراء القصف. تعمل متطوعات الدفاع المدني السوري بجميع الإسعافات الأولية اللازمة لإنقاذ حياة الجرحى، كما تقوم بحملات توعية للمدنيين لتعريفهم بطرائق التصرف أثناء القصف، وتنبيه الأطفال من مخلفات الحرب، وتحذيرهم من الاقتراب من الألغام والقنابل العنقودية التي لم تنفجر بعد.
أن تكون امرأة في سوريا اليوم، يعني أن تكون امرأة من الصلب. المرأة السورية تخوض معركة التحدي الكبرى مع ظروف قاهرة في أوضاع مأساوية تكسر إرادتها ولكنها تتخطاها بكل ثقة وعزم. وقد حازت متطوعات الدفاع المدني السوري على جائزة نساء العام خلال حفل أقيم في العاصمة البريطانية لندن، مساء أمس الإثنين، تقديراً لجهودهن في حماية ومساعدة المدنيين المتضررين من الحرب الدائرة في سورية على مدار أكثر من سبع سنوات.
وأكد الدفاع المدني السوري، المعروف أيضا باسم الخوذ البيضاء أن متطوعاته حصلن على الجائزة، التي منحت للمرة الأولى عام 1955، والمخصصة للنساء اللاتي يقدمن خدمات جليلة للآخرين حول العالم، مضيفا “يسعدنا أن تكون جهودنا مقدرة ومعروفة لدى مانحي الجائزة النسائية المرموقة”. وتولى عناصر الدفاع المدني السوري منذ بدء عملهم في 2011، إنقاذ نحو 100 ألف شخص، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وهم يعملون في ظروف خطرة ويتعرض الكثيرون منهم للإصابة أو القتل. ويعملون بحيادية وإنسانية وبدون تمييز، ولا يدينون بالولاء لأي حزب أو جهة سياسية، ويخدمون كل الشعب السوري مهمتهم فقط إنقاذ أكبر عدد ممكن من الأرواح في أقصر وقت ممكن.
آمل أن تنتهي الحرب في سوريا قريبا وأن يسود السلام. لن ينتهي عملنا عندما تنتهي الحرب. وسوف يأتي العمل الحقيقي بعد الحرب. وسوف نقوم بإعادة بناء بلدنا ونشر ثقافة السلام والمحبة للمرأة في العالم وأننا قادرون على فعل أي شيء. ولا يوجد شيء يمكن أن يقف بين إرادتنا وشجاعتنا. النساء السوريات هن منقذات، ومسعفات طبيبات، وناشطات إعلاميات، ومعلمات، وأمهات فقدن منازلهن وأزواجهن وأطفالهن. وعلى الرغم من كل ذلك، لم تفقد المرأة السورية شجاعتها أو مقاومتها أبداً