بقلم : ياسمين فارس تعتبر الحروب أحد أشكال العنف السياسي التي يُتولَّد عنها مباشرة أشكالٌ متعددة ومختلفة من أشكال العنف الأخرى، منها العنف الاقتصادي، وذلك بسبب تدمير البنى التحتية، وزيادة عدد العاطلين عن العمل، وشل الحياة الاقتصادية، والعزوف عن الاستثمار في زمن الحرب، لذلك يتزايد الفقر بشكل مضطرد مع استمرار الحرب، ويعتبر الفقر من أهم أسباب العنف في المجتمع وفي العائلة نتيجة التوتر الدائم والغضب والخوف على النفس وعلى المقربين الآخرين. هذه النتائج تمس جميع فئات المجتمع، وإن كان الموت الذي لا يوزع بالتساوي ” قضاء وقدرًا ” فالنسبة الأكبر من ضحايا الحروب تطال جنس الرجال باعتبارهم الطرف الأساسي في القتال، وهم هدف القنص والخطف أكثر من النساء، بيد أنَّ التفجيرات لا تفرق من حيث الجنس. ومع حساب محصلة أي حرب – بالأخص الطويلة منها – نجد تأثيرها الكبير على التوزيع الديمغرافي من حيث الجنس، ما يترك ذلك تأثيراً ملحوظاً على التوازن الاجتماعي في المجتمع نظراً لزيادة نسبة النساء على الرجال، فالحرب تخلِّفُ نسبة كبيرة من النساء الأرامل والعازبات اللواتي ربما لن يجدن زوجاً في المستقبل، مما ينعكس لاحقاً على نسبة الولادات وزيادة السكان, ناهيك عن تربية الأولاد بدون أب، وتحمل المرأة عبء تربية الأولاد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والانعكاسات النفسية على المرأة والأولاد نتيجة ذلك.العنف الجسدي وإزهاق الأرواح ينال من الجميع، لكن العنف المعنوي والإيذاء النفسي ينالان من المرأة بشكل خاص، لفقدها الزوج أو الابن أو الأب، ليس بسبب الرابط العاطفي الذي يربطها بهم، بل لأنهم على الأغلب معيلون لها في حياتها، مما يعرض الكثير من الأسر للفاقة والفقر خاصة التي ينتمي أحد أفراد عائلتها من الرجال المحاربين إلى صفوف الثوار، فهذه تتعرض لعنف من نوع آخر كالإهانة والإذلال من قبل قوات النظام، والاعتقال والاغتصاب.زمن الحرب يسيطر التوتر في البيت بسبب الذعر, وعدم ممارسة الحياة بشكل اعتيادي، وعدم الذهاب إلى العمل أو التسوق أو الزيارات، وبسبب الفاقة والحرمان, عندها تكون المرأة معرضة لشتى أنواع العنف المعنوي والضرب والإيذاء من الرجل في داخل الأسرة، بهدف تفريغ غضبه، أو منعها الخروج من البيت بسبب الخوف الدائم عليها.إذاً العنف بجميع أشكاله الجسدية والمعنوية، يزداد خلال فترة الحروب، وتدفع المرأة نتائجه الكارثية، لذلك مناهضة الحروب والعنف الناتج عنها هي مصلحة حقيقية للمرأة في أي مجتمع بهدف حماية الذات والعائلة وبالتالي المجتمع. الحرب لن تدوم سوف تنتهي وإن طالت، وسوف تعود الحياة إلى مجراها الطبيعي إلى البناء والنماء الذي يقع على عاتق أفراد المجتمع كله. كما قدمنا سوف تكون نسبة النساء أكبر من نسبة الرجال بعد الحرب وبالتالي يقع على عاتق المرأة عبء كبير في تحمل المسؤوليات الجسام للنهوض بالمجتمع من جديد، فالمرأة سوف يتم دفعها دفعاً شاءت أم أبت إلى سوق العمل فقد تكون المعيل الوحيد لأفراد أسرتها القاصرين أو العجزة ، إنَّ ممارسة الحياة العامة والخروج من البيت بعد الحروب، كانت من الأسباب التي دفعت إلى مطالبة المرأة بحقوقها وحريتها، وذلك حصل بعد الحرب العالمية الأولى والثانية في أوروبا.هذا الوضع الجديد الذي يتم وضع النساء به يحتاج إلى مقدمات شرعية، وخدمات كبيرة تيسر عمل المرأة.يجب كفالة عمل المرأة وفق قانون شرعي يوجد لها فرص عمل خاصة حتى تقوم بدورها الاجتماعي، للقيام بواجباتها على أفضل وجه، ويفتح السبيل أمامها بما يخدم المجتمع ككل.