بالتعاون مع جامعة إدلب افتتحت مؤخرًا مكتبة المركز الثقافي في المدينة أمام القرَّاء من الطلبة وغيرهم للاستفادة من الكتب الموجودة بداخله، حيث استمر إغلاقها لمدة قاربت ثلاثة أعوام منذ خروج مدينة إدلب عن سيطرة النظام بسبب تعرض بعض من أقسامها للقصف، حيث تمكن المسؤول عن المكتبة “مأمون قصاص” من نقلها إلى قبو المركز للحفاظ عليها.
تعتبر مكتبة المركز الثقافي أكبر مكتبة في المدينة، حيث إنَّها تحتوي على أكثر من 30 ألف كتاب.
المكتبات جزءٌ لا يتجزأ من الإرث الثقافي والعلمي للمجتمعات، إذ تعمل على توفير المعلومات لدعم التنمية ونشر الثقافة، فالكتب تحتوي على سجلات أفكار البشر وإبداعاتهم منذ العصور القديمة، فكل جيل يمهد الطريق لجيل آخر يليه من خلال التوثيق في الكتب، فعن طريقها يمكننا الاطلاع على حضارات الشعوب وثقافاتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فنتعلم من تجاربهم بتجاوز أخطائهم لنتمكن من بناء حضارة باتت على وشك الانهيار بسبب الحرب.
وأكدت د. “هدى العبسي” نائبة عميد كلية الآداب لصحيفة حبر أنَّ الهدف الرئيس من إعادة تفعيل المكتبة هو توفير الكتب اللازمة للطلبة وتأمينها لهم ورقيًا بدلا عن الكتب الإلكترونية التي تعتبر أقل عمقًا وتأثيرًا من الأولى.
تحتوي مكتبة المركز على آلاف الكتب المنوعة العلمية والثقافية والزراعية والتربوية والتاريخية والجغرافية والفلسفية والرياضية والإعلامية وكتب الآثار والمعارف العامة، وعدد لا يستهان به من الكتب الأخرى القيّمة.
وأضافت العبسي: “إنَّ مكتبة المركز فيها قاعة مطالعة للذكور وأخرى للإناث، وآلية الإعارة للكتب تتم فقط ضمن المكتبة؛ لأنَّه يجب الحفاظ على هذه الثروة العلمية القيمة، فمعظم الكتب لا يتوفر منها سوى نسخة واحدة.”
أما “هبة” 22 عامًا طالبة في قسم اللغة العربية في كلية الآداب فكانت تبحث محتارةً في مكتبة المركز الثقافي عن كتاب يثير اهتمامها لتستعيره وتقرأه معتبرة يوم افتتاح المكتبة من أسعد أيام حياتها، كما قالت لحبر، فهي تدمن القراءة ورائحة الورق، ومعروفة بين زميلاتها أنَّها ذات ثقافة عالية وتسعى بشكل مستمر لتطوير ذاتها، وقد جعلت المطالعة منها متحدثة جيدة لدرجة أنَّها تقص على زميلاتها أحداث الرواية التي قرأتها بفن وأسلوب مثير للاهتمام كأنَّها تعيش أحداثها فتشجعهنَّ على قراءتها.
فيما أفصحت “العبسي” عن خطة في بداية الفصل الدراسي الثاني لإقامة أسبوع ثقافي كل شهرين يسمح للطالب بالمشاركة الفعّالة مؤكدة أنَّ الكادر التدريسي في الجامعة يعمل على تشجيع الطلبة على القراءة في مكتبة المركز.
“مريم كدة” المسؤولة عن قسم الإناث في مكتب الطلبة بجامعة إدلب أشارت إلى أنّ أقسام المركز التي تم تفعيلها هي المكتبة وغرف المطالعة للذكور والإناث التي تم تنظيفها من قبل طالبات متطوعات من كافة أقسام الجامعة، ولاحقًا سيتم العمل لتفعيل المسرح من أجل نشاطات الطلاب.
ونَوّهت مريم أنَّ جميع الأمور في المكتبة على أتمِ وجه، والإقبال على القراءة مقبول تزامنًا مع تقديم حلقات البحث في الجامعة التي غالبًا ما تتطلب الاستعانة بمراجع للحصول على المعلومات المطلوبة في أبحاثهم العلمية والثقافية وحلقات البحث، إلا أنَّه ثمَّة مشكلة تواجه الطلبة حاليًا وهي الإنارة غير الكافية.
وتطمح د. “العبسي” لأن يكون المركز الثقافي منبرًا للنشاطات الثقافية وإقامة الندوات والمحاضرات والأنشطة العلمية والفكرية، والأهم من كل ذلك هو السعي لاكتشاف مواهب الطلاب وتنمية قدراتهم الفكرية والإبداعية عن طريق تلك النشاطات.
إلا أنَّ طموح هبة مختلف تمامًا، فهي تحلم بأن توفر المكتبة فهارس عن مقتنيات المكتبة وإعداد لوحة إرشادية لأقسامها ومصنفاتها بشكل يمكّن الباحث من الحصول على الكتاب الذي يبحث عنه بسرعة أكبر.
تختم هبة حديثها: من لم يعرف غايته من القراءة لن يشعر بمتعتها ولن يتمكن من الغوص في تفاصيل الكلمات ليستفيد من محتوى الكتاب، وعليه أن يدرك أنَّ الهدف الأساسي من القراءة هو أن يرفع الجهل عن نفسه، والهدف الأسمى هو خدمة الإنسانية من معرفته التي اكتسبها منها.