غسان الجمعة |
يُتداول في الأوساط الإعلامية عن نية (هيئة تحرير الشام) افتتاح معبر تجاري مع مناطق النظام من نقطة تماس سرمين_سراقب، ما أثار ضجة كبيرة في المناطق المحررة.
الأخبار المتداولة بغض النظر عن مدى إمكانية تطبيقها في ظل هذه الظروف، رغم نفي تحرير الشام فتح المعبر حاليًا وقولها إنه كان ضمن الدراسة منذ أسبوع، إلا أنها تحمل في دلالاتها معطيات سياسية واقتصادية واجتماعية على المناطق المحررة عامة ومنطقة إدلب خاصة، حيث تعرضت المنطقة مؤخرًا لحملة تهجير وقصف أدت إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين.
وقد كانت حجة النظام السوري في عمليته العسكرية الأخيرة فتح الطرق الدولية لأسباب تجارية تتعلق بتنشيط عجلة الاقتصاد المدمر في ظاهر الأمر، فكيف يمكن لنا الآن أن ننسى هذه الذريعة التي تسببت بمقتل وتهجير المدنيين ونأتي اليوم بصيغة اتفاق لفتح معبر تجاري على أنقاض مئات القرى والبلدات المدمرة؟! وبالتالي نسهم عن جهل أو علم بمساعدته في التنفس اقتصاديًا في ظل التدهور الذي تشهده مناطق النظام نتيجة إغلاق المعابر مع الدول المجاورة وانعدام الحركة التجارية.
من جهة أخرى تأتي ذرائع تصريف الفائض الإنتاجي للمناطق المحررة والحفاظ على فرص العمل في مقدمة الحجج التي يتم التسويق لها لفتح المعبر من قبل البعض. وفي الحقيقة نمتلك بنية إنتاجية صناعية وزراعية شبه مدمرة بفضل الشريك التجاري الذي ننوي التعامل معه، كما أن الأسعار المرتفعة لا تكشف أن هناك فائض يعكس انخفاض الأسعار، بل هناك شح يتسبب بموجة غلاء، وإن كان الأمر يتعلق بالاستيراد من مناطق النظام فالأحرى أن نضيق عليه قدر الممكن ونعوض النقص بالبضائع التركية التي هي أفضل قياسًا على معايير الجودة وغيرها من منتجات النظام.
كما أن القبول بتنشيط الحركة التجارية عقب هذه المدة القصيرة من المعارك هو تأكيد بشكل غير مباشر للمتابع من خارج الساحة السورية ادعاءات النظام بوجود مدنين سوريين يحتاجون تخليصهم من براثن الإرهاب، كون استمرار الحركة التجارية بين أي طرفين ثمرة ورغبة اجتماعية واقتصادية بتوفير بيئة استقرار وتعاون فيما بينهما.
أما على الصعيد العسكري فإن فتح الحركة التجارية هو بمنزلة الموافقة على الترسيم الجديد لمناطق السيطرة التي ابتلع فيها النظام ثلث منطقة سوتشي عبر مراحل، بل إن استمرار النظام بدفع حشود إضافية للمنطقة ما هو إلا تكرار للسيناريو السابق، حيث يقسم المنطقة إلى بقع ملتهبة وأخرى مستقرة ليعود بعد مدة للانقضاض عليها في سياسة قضم ممنهجة كما حصل مع منطقة قلعة المضيق وخان شيخون، إذ كانت معابر (العيس والراشدين) تعمل بكل طاقتها وكأن لا شيء حصل أو سيحصل!!
وبعيدًا عن كل هذه المؤشرات تلقي جائحة كورونا بظلالها على العالم، وقد سلم الله المناطق المحررة بعدم تسجيل إصابات حتى الآن، فإن مناطق النظام موبوءة وتعج بالإيرانيين المصابين الذين لن يوفروا طريقة لنقل المرض إلى مناطق المعارضة ومن المعلوم أن التدابير الوقائية لن تفلح في منع ذلك بشكل تام؛ لأن من يتعمد إلحاق الأذى بهذا المرض لن يستخدم وسائل تقليدية، بل إن الحقد الذي يكنه نباشو القبور تعجز عن مكافحته تدابير الوقاية.