أ. عدنان القصيرالموجه التربوي في مؤسسة قبسهل تشعر بالرضى عن درسك إذا سار دون مواقف تعليمية إشكالية؟هل ينبغي للمعلم إبداء السرور والثناء بالكلمات المنمّقة عند سماعه لإجابة موفقة من أحد تلاميذه؟ما أهمية أن تسأل تلميذاً سؤالاً وأنت متيقن من معرفته للإجابة؟لنقرأ الحديث الشريف:روى أبو داوود في سننه في كتاب الأقضية عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ، مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ rلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي إِذَا عَرَضَ لَكَ قَضَاءٌ؟»، قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟»، قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِr، قَالَ: «فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِr، وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ؟» قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي وَلَا آلُو فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِr صَدْرَهُ، وَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ».لعلك أخي القارئ قد تلمحت بعض الإجابات من الحديث السابق فالنبي r هو من صنع الإشكال واستغل الفرصة للثناء والتحفيز والحض على الاجتهاد.وكذلك المعلم المتبصر يستقرأ المواقف الإشكالية المستقبلية ويعرضها للمناقشة قبل أوانها أحياناً ويهيئ المتعلم مسبقاً لكيفية التعامل معها بفاعلية إن وقعت، وليزيد من خبرات المتعلمين عموماً إن لم تقع.ولننتبه لكون النبي r استعمل هنا أسلوب حل المشكلة، فعرض إشكاليةً محددةً، تفضي تلقائياً لاستجابة متوقعة في حوارية بسيطة موزونة، ثم قدّم تحفيزاً فعّالاً مشجّعاً على بذل الطاقات للاجتهاد.كما نلاحظ فاعلية التحفيز من خلال:
- استخدام حركة تودد حسية (وحركات التلامس الحسية ذات تأثيرات نفسية عميقة، خاصة إذا استعملت في التوقيت الصحيح، كالتربيت على الكتف أو مسح الرأس أو الضرب على الصدر وغيرها).
- إضفاء صفة الرسول على معاذ t ونسبة هذه الصفة للنبي r تكريماً، وإبداء الرضى الواضح عن حالة إيجابية بدت من معاذ t تعزيزاً لها.
- ويبدو أن النبي rلم يكن يسأل معاذاً اختباراً له، بل جهّز بعناية موقفاً، ثمَّ استغله للثناء عليه كما أسلفنا. وهذا بحد ذاته غرض تعليمي هام يهمله الكثير من المعلمين، بل نرى بعض المعلمين ينهج عكس ذلك تماماً، فيتحرى الأسئلة التعجيزية ويهمل التحفيز بدعوى الخشية من أن يعتد التلميذ بنفسه (على حين أن هذا مقصد تربوي بحد ذاته) فينعكس ذلك سلباً على دافعية التلاميذ في الإقبال على التعلم من جهة وعلى معلمهم من جهة أخرى.