إعداد الدكتور: عمر عبد العزيز نتوفطبيب ومدرب دولي معتمد في التنمية البشريةإنّ المحن المتتابعة التي تحدث في حياتنا، والتغييرات المفاجئة، يفترض أن نقف أمامها كثيراً كي نعيها وندركها، فلا يوجد شخص محصَّن تماماً من الابتلاء، حتى وإن نجى من هذه المخاطر والأهوال لسنوات عديدة، لقد رافقت المحن الإنسان منذ أن وُجد على هذه الأرض، وكلّ إنسان طور أساليباً خاصة للتعامل معها.وكثيرًا ما يقال: إنّ كلّ محنة تحتوي بداخلها بذور النجاح وجذور الفشل أيضًا، وفي كلّ محنة منحة من الله سبحانه وتعالى.إنّ هذه التغيرات المفاجئة التي حصلت وتحصل في حياتنا يدعوها علماء التنمية البشرية ((نقاط تحول))في حياة كل فرد منَّا نقطة تحول أو ربَّما عدة نقاط غيرت من مسار حياته.فيها تتبدل أهدافه وأفكاره وتجاربه وتتغير مسيرة حياته جذرياًونقطة التحول هذه تؤثر في حياة الفرد وتأخذه الى اتجاه معاكس ومغاير عمَّا كان عليه، وهي تعدُّ من أهم الأمورالتي يجب أن نعكف على دراستها و تحليلها للوصول إلى النتائج و تحليل الأخطاء، ومحاولة الاستفادة من دروسها.وإنَّنا كسوريين نمرّ في أشدّ و أصعب مراحل التحول الذهني في حياتنا، فإذا لم نتغير في هذه المرحلة وننهض بأنفسنا و نتحسن للأفضل كأشخاص و جماعات فمن الصعب أن ننهض مرة أخرى.فمن منَّا من لم يُهجَّر، ومن منَّا من لم يفقد أخاً أو ابناً أو أباً، و من منَّا لم يصب في جسده و ماله و مسكنه، و من و من.. و إنَّني أجزم هنا أنّ كلّ أسرة يُخَطّ لها مجلدات من المآسي، بل و حتَّى كلّ فرد منَّا له حكاية يمكن أن تحولّ إلى مسلسل يتكون من مئات الحلقات و لمّا ينتهِ بعد.دعونا نقف مع أنفسنا وقفة تأمل و تفكر لنتعلم من الماضي بدلاً من التحسر والبكاء على ما حلّ بنا من آلام ومصائب، و لننظر إلى الفائدة التي اكتسبناها و الدروس التي تعلمناها خلال هذه المرحلة الصعبة التي نمرّ بها، و لنبدأ بالتخطيط لحياتنا من جديد، فكم من شخص اختار في هذه الظروف مهنة معينة ووجد أنَّها هي ما كان يحلم به طيلة حياته، و كم منَّا في هذه المحن اكتشف أنّ الوظيفة التي كان يعمل بها لم تكن سوى قتلاً للطموح و لعمر الإنسان دون أن يستفيد منها شيئاً يذكر سوى بضعة دريهمات لا تغني و لا تسمن من جوع.فجعل نقاط التحول هذه وما تحمله من مخاطر و تحويلها إلى فرصة لإطلاق القدرات الإبداعية لدينا هي قمة التحدي.باختصار: إنّ الاستفادة من نقاط التحول التي تمرّ بنا تتطلب السرعة في التصرف والاعتراف بالحقيقة، كما أنَّ تحدي الظروف ومواجهتها أفضل من الهروب منها، ويجب أن نعترف بحقيقة أخرى هي أنَّ عقارب الساعة تدور دائمًا إلى الأمام، وأنَّ الزمن لا يمكن أن يعود إلى الوراء أبدًا.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ”المحن الصعبة قد تحطّم بعضَ الرجال إلا أنَّها قد تدفع رجالا آخرين لأن يحطموا بعض الأرقام القياسية” ويليام آرثر وارد (أديب أمريكي) قيل لأحدالسلف: ألم تصدّك المحن عن الطريق؟ قال: والله لولا المحن لشكّكت في الطريق.