مجد كامل
تلتقي المصالح الإيرانية والروسية على الأرض السورية بعد علاقات قديمة يمكن أن توصف بالوثيقة تعود إلى أيام الرئيس محمد خاتمي 1997-2005م وقد استمرت العلاقات الجيدة بين البلدين لتصل إلى حدِّ المتانة في السنوات الثلاث الماضية، إذ وصل حجم التعاون والتنسيق المشترك إلى مستوى عالٍ وكبير لم يشهده تاريخ العلاقات بينهما، من ذلك تعاونهما المشترك في سوريا لحماية نظام الأسد من السقوط، وفتح إيران قاعدة همدان العسكرية ووضعها تحت خدمة الروس وتصرفهم، وتسلم طهران منظومة الصواريخ المتطورة s300 بعد طول انتظار، وترحيب المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بالرئيس بوتين، ولقاؤهما الحميمي، إضافة إلى مباحثات تسليم طائرات ميغ وسوخوي لإيران، والدعم الروسي أثناء المفاوضات النووية.
كلُّ هذه العلاقات المتينة تدلُّ على مصالح كبيرة تجمع بين البلدين، وتدل على تطور النظرة الروسية تجاه إيران، إلا أنَّ ذلك إلى الآن لم يسمح لإيران بالدخول ضمن تصنيف (المتحدين) في الوثيقة التي أعدها الأمن القومي الروسي العام الماضي.
هذا أمر يدعو إلى الريب، لكن الأمر الآخر الذي يدعو إلى القلق هو التحولات السريعة في السياسة الروسية، إذ اتجهت روسيا مؤخرا تجاه المصالحة مع تركيا بعد علاقات شهدت توترا كبيرا وصل ذروته بعد إسقاط أنقرة طائرة روسية اخترقت المجال الجوي التركي، إضافة إلى توجه موسكو نحو الولايات المتحدة الأمريكية بعد بوادر التقارب الذي يلوح به الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.
كلُّ هذه التطورات قد تؤثر على علاقات الإيرانيين الجيدة مع الروس بشكل عام وفي سوريا على وجه الخصوص، وقد بدأنا نتلمس محاولات تهدف إلى إقصاء الإيرانيين من سوريا بعصا هادئة! إلا أنَّ إيران المعروفة بخبرتها وحنكتها السياسية ستسعى جاهدة في المفاوضات، وربما تطرح أوراقها التي عملت سنوات على صنعها في كلٍّ من لبنان والعراق واليمن والبحرين دون أن تضطر إلى تقديم تنازلات كبيرة تمسُّ مشروعها الذي تعمل عليه منذ عشرات السنوات.
لا شكَّ أنَّ إيران بالنسبة إلى روسيا شريك حقيقي يعتمد عليه، ورجل ذكي في المهمات الصعبة إلا أنَّه من المبكر جدا الحديث عن حلف يجمع البلدين، صحيح أنَّ روسيا ترى أنَّ طهران شريك وصديق، إلا أنَّ ذلك لا يعني تحول الشركاء إلى حلفاء استراتيجيين متحدين، فطبخة الثقة التي تريد إيران أن تنضج بسرعة ما تزال على النار الروسية الهادئة، وقد تطفئها الرياح الروسية الباردة التي تهب تبعا للمصالح في لعبة السياسة!