د. حسن الدغيم
ليس هناك أحد من الأحرار سعيداً بوجود النظام العالمي الجديد الذي تتحكم به الدول المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية ولاشك أن هذا من أهم معالم الاستبداد المعاصر ولكن هذا الواقع شيء وتحميل عبء إصلاحه وتكلفة ذلك على الشعب السوري شيء آخر
فعندما ينظر البعض للقتال ضد المجتمع الدولي وقواه الكبرى وفتح المعارك معهم واستجرارهم لأرض المسلمين لتأديبهم دون أن يرصد لذلك أي برامج دفاعية متطورة أو ركائز صمود مقبولة باستثناء بعض الخطابات والتهديدات
هنا نقول إنها محاولات عبثية ومراهقة سياسية تقوم بإفشال مشاريع التحرر والاستقلال الوطني وتدفع إلى مصادمات مفتوحة لايملك أحد من منظريها أي مشروع حتى للتبصر بمآلاتها سوى التبشير بنهاية النظام العالمي لأنه عالم مفلس من القيم
ونحن على يقين من نهايته ولكن بإدارة الصراع وفق برامج النهضة والتطور والتحصين الفكري والاقتصادي والعسكري وليس وفق الزخم الايديولوجي المنفصم عن السنن الكونية والشرعية
لقد كتب أبو مصعب السوري كتابه دعوة المقاومة الإسلامية العالمية وطبقها تنظيم القاعدة ونظر لها كتاب إدارة التوحش وتمضي السنين دون أن نرى أي من مؤشرات هدم النظام الدولي بهذه الطريقة بل على العكس هو يزداد شراسة وتغولاً وغاية ما نطمح إليه انسحابه من أراضينا
وعندما تنبه الشباب المسلم للمحارق التي يُجرّ إليها بلا رؤيّة ولا رويّة، رأى أن يمارس حلمه بعودة الأمّة إلى سيادتها على نطاق الوطن الصغير, فتكاتف هؤلاء بمشاريع وطنيّة صغيرة معقولة المعنى، وممكنة التحقّق، وتتلخّص بتحرير الشعوب المسلمة من عروش الاستبداد، ومعالم الظلم، وبثّ قيم الحريّة والعدالة والكرامة، وربما اختار بعضهم طريق الثورة، كما في بلدان الربيع العربيّ، واختار بعضهم المشاركة السياسيّة، بغيّة التغيير من الداخل، وتخفيف الفساد قام عليه المنظرون الغلاة وسلقوه بالسنة حداد واتهموه بالتمييع والإرجاء ورموه بالردة والطينية ولم يبقوا وصفا الا ونعتوه فتفرقت الرايات وتصارعت المشاريع