أخرج قطعة نقدية من جيبك ثم انظر إلى وجهيها، سترى تفصيلات متشابهة واختلافات على الوجهين، لكن النتيجة تكوين الوجهين لهذه القطعة النقدية، كذلك حال “داعش، ونظام الأسد” وقصتهم باستلام وتسليم مدينة تدمر كأنَّها تجارة.
التقت صحيفة حبر مع (أبي خالد التدمري) أحد الشاهدين على ذلك، الذي قصَّ لنا الكثير من التفاصيل حول ما جرى، وفيما يلي فصول ذلك.
استلام وتسليم
يقول أبو خالد: “قبل دخول داعش إلى تدمر بفترة شهر ونصف، أرسلت سيارة مفخخة إلى حاجز مكتب الدور الذي يقع شرق المدينة لتنفجر هناك، كما نفذت عملية أخرى في مدينة السخنة، هنا أتى خبر انتشر بين الناس أنَّ النظام لديه أخبار قبل هجوم داعش على تدمر بفترة شهر ونصف تقريباً، حينها بدأ بتغيير الحواجز، فأخذ النظام العساكر والضباط ذوي الأهمية بالنسبة إليه إلى محافظات أخرى، إضافة إلى البدء بتفريغ متحف تدمر من الآثار باتجاه مطار التيفور العسكري، وهذا دليل على معرفة النظام بما يجري.
معارك وهمية
يقول التدمري: ” بتاريخ 14/5/2015 بدأ الهجوم على مدينة تدمر من عدة محاور، كانت أعداد داعش لا تتجاوز 400 مقاتل، في حين كانت أعداد النظام من جيش، وأمن، وشبيحة، أكثر من 12 ألفا.
كانت المعارك على مدار 24 ساعة، الطيران لم يتوقف عن القصف فيها، وهنا توجد ملاحظة أنَّ الطيران كان يقصف على ارتفاع منخفض جداً، وداعش لم تكن تطلق عليه أي طلقة مضاد، وإن أطلقوا يطلقوا بعيداً عنها، فالضرب كان وهميا بامتياز.
تكبدت قوات النظام التي زُجَّت في المقدمة خسائر كبيرة من قبل داعش، هذه القوات يعتبرها النظام غير مهمة ولم يسحبها كالتي تهمه، فوضعها كرأس حربة لتخوض حربا وهمية خاسرة يعرفها جيداً، ولو أراد النظام القتال لأبقى على النخب، واستخدم سلاحه النوعي الذي لا يقارن بما تمتلكه داعش التي استخدمت دبابة واحدة أثناء هجومها.”
بعد دخول داعش مدينة تدمر
يقول أبو خالد: “بعد دخول داعش تم قتل كل عساكر النظام المعتقلين بسرية التأديب في سجن تدمر العسكري، وسرعان ما قاموا بتلغيم السجن وتفجيره بالكامل، إضافة إلى تفجير معبد بل، وتلك كانت تعليمات من النظام لداعش.
تدفع المال أو تقتل
أوضح التدمري “أنَّه قبل دخول داعش إلى تدمر أصبح النظام يخرج جميع الضباط منها، وكان يأخذ مبالغ مالية من التجار لكي يخرجهم من المدينة، والشخص الذي يرفض إعطائهم المال يخرج إلى الطريق وينفجر به لغم بحسب زعم النظام، كمثال: توجد طبيبة قتلت عند عبورها الطريق، فقالوا إنَّها دعست على لغم، والقصة هي أنَّ النظام أطلق عليها صاروخا، لأنَّ الطريق الذي كان الناس يخرجون منه هو طريق تدمر- حمص، وهذا كان تحت سيطرة النظام، والسؤال: لماذا حين خرج النظام لم ينفجر به أي لغم؟ ولماذا قبل خروج النظام بعدة أيام خرج محافظ مدينة حمص طلال البرازي وقام بالتصوير خلف القلعة وقال: إنَّه لا يوجد أي شيء! كانت تلك مسرحية لسحب قوات النظام من المنطقة فقط.”
النظام هو المذخر لداعش!
تكلم التدمري عن مستودعات الذخيرة وأسلحة النظام في تدمر، بقوله على لسان شاهد عيان وهو مساعد أول في المستودعات قال: “إنَّ النظام جعلنا نُخرج كلَّ الذخيرة ونضعها أمام باب المستودعات، وبعد عدة أيام أتت داعش وأخذتها، وأخرجت إصداراً يتضمن ذلك.
الذين كانوا في المستودعات حوالي 600 عسكري، أما الذين هجموا على المستودعات من داعش كانوا تقريباً 30 شخصا، أخذوا كل شيء كان موجوداً وقتلوا الجميع ولم يبقَ من العساكر حيّاً بداخل المستودع إلا 20 أو 30 شخصاً هربوا سيراً على الأقدام من المستودعات إلى مشفى تدمر، ومن هناك ذهبوا إلى مطار التيفور.”
والخلاصة أنَّ النظام أبقى على الذخيرة والأسلحة والمال والأغذية في مطار تدمر لتأتي داعش وتأخذهم، وذلك خير دليل على أنَّ النظام وداعش وجهان لعملة واحدة يتداولانها بينهما عند الحاجة لبيع وشراء ما يلزم لتدمير ثورة الأحرار.