بقلم: المحامية سماح
قال تعالى: “ِإنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ ۖ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ۚ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا ۚ فَأُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا” النساء 97
يقول السعدي في تفسيره:
“هذا الوعيد الشديد لمن ترك الهجرة مع قدرته عليها حتى مات، فإنَّ الملائكة الذين يقبضون روحه يوبخونه بهذا التوبيخ العظيم، ويقولون : {فِيمَ كُنْتُمْ} أي: على أي حال كنتم؟ وبأي شيء تميزتم عن المشركين؟ بل كثرتم سوادهم، وربَّما ظاهرتموهم على المؤمنين، وفاتكم الخير الكثير. { قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض} أي: ضعفاء مقهورين مظلومين، ليس لنا قدرة على الهجرة. وهم غير صادقين في ذلك؛ لأنَّ الله وبخهم وتوعدهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، واستثنى المستضعفين حقيقة. ولهذا قالت لهم الملائكة: { َلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} وهذا استفهام تقرير، أي: قد تقرر عند كلِّ أحدٍ أنَّ أرض الله واسعة، فحيثما كان العبد في محل لا يتمكن فيه من إظهار دينه، فإنَّ له متسعًا وفسحة من الأرض يتمكن فيها من عبادة الله، كما قال تعالى: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} قال الله عن هؤلاء الذين لا عذر لهم، فيه فقد يترتب عليه مقتضاه، مع اجتماع شروطه وانتفاء موانعه، وقد يمنع من ذلك مانع. وفي الآية دليل على أنَّ الهجرة من أكبر الواجبات.”
تعليق على ذلك:
من الواجب الهجرة إلا إذا وُجد مانع، فما بالكم أنَّ أحد أكبر الموانع هي الدول العربية الشقيقة المسلمة، والتي أغلقت باب الهجرة إلا ما ندر وبشرط تكاد تكون مستحيلة!!
ليبقى من بقي منهم تحت رحمة الظالم، ومعظم من يُسِّر له باب الهجرة لم يهاجر إلى بلاد مسلمة ولا عربية رغم قربها وسهولة التعامل، وإغلاقهم لباب الهجرة كان بحجج واهية، وهي إن كانت مسلمة حقاً لوضعت الإسلام أولا، إلا أنَّها مشغولة بمظاهر الإسلام متناسية جوهره، ليضطر المستضعفون للجوء إلى بلاد تبعد عنهم بعد الشرق عن الغرب، مختلفة عنهم في عاداتهم تقاليدهم، لتشكل عبئًا آخر على المستضعفين رغم أنَّه –وللأمانة- يستطيعون ممارسة الدين في بلاد الغرب بحرية.
ولا بدَّ للذكر أنَّ الدول العربية الفقيرة فتحت أبواب الهجرة للمستضعفين، في حين نجد الدول العربية الغنية أغلقت أبوابها، وللعلم إنَّ هذه الدول العربية الغنية تفوق الدول الأوربية غنًى، لكنها تعاني فقراً إنسانيا حاداً، ونحن نخاطب حكَّاماً لِما نعلم ما تعانيه الشعوب العربية من قهر سياسي واضح.
فليتهم يحتفظون بعروبتهم فقط، فقد سقطتْ حقيقة تسمية دولهم بالدول الإسلامية.