أميمة محمد |
تخشى “أم أحمد” التي وضعت طفلتها منذ أيام قليلة في أحد المخيمات العشوائية من انقطاع حليبها، حيث إنها لم تستطع الحصول على وجبة مغذّية منذ فترة طويلة، لتقوم بإعطاء طفلتها الرضيعة الماء والسكر، بعد أن ضاقت بهم الأحوال عقب خروجهم من بيوتهم دون أدنى مقومات الحياة.
الوضع يزداد سوءًا بالنسبة إلى الأطفال حديثي الولادة في مخيمات اللجوء، وذلك مع شدة الفقر والقلة التي يعيشها الأهالي، وارتفاع تكلفة الأدوية والحليب وانقطاعه في كثير من الأحيان، ليترعرع الأطفال في خيمٍ لا تقيهم برد الشتاء وأمراضه الخطيرة ولا حرارة الصيف وحشراته المتعددة.
إن الأطفال وأمهاتهم بحاجة ماسة إلى الغذاء الصحي خلال فترة النفاس، وذلك لضمان سلامتهم وعدم إصابتهم بسوء التغذية، وتعرضهم للوفاة، إلا أن محدودية الإمكانيات حالت دون ذلك، وبالرغم من جهود منظمات المجتمع المدني بتقديم المساعدات لسد حاجيات الناس الضرورية، إلا أن الوضع فاق خدماتهم وأصبح في حالة حرجة، وبحاجة تدابير صحية وخدمية أشمل وأوسع، بحسب ما أشار (محمد سعدو) مدير مخيم النصر القريب من قرية كفرلوسين الحدودية.
وأكد (سعدو) أن “ما لا يقل عن عشر ولادات تحدث شهريًا، وهم في أوضاع مأساوية وصعبة، وذلك في المخيم الذي يحتوي نحو 1125 عائلة أغلبها من ريف حماة الشمالي. “
لا وجود لإحصائيات دقيقة توثق عدد الأطفال حديثي الولادة في مخيمات الشمال السوري، للأهالي النازحين من أرياف حلب وإدلب وحماة المنتشرين على الشريط الحدودي، وفي الأراضي وتحت الأشجار، يفتقرون للخدمات والرعاية الصحية اللازمة لحمايتهم من الأوبئة، حيث انتشر مرض الجرب مؤخرًا في مخيم قريب من مدينة (معرة مصرين) الذي بلغ عدد الإصابات فيه أكثر من خمسين إصابة، وتخوف الأهالي الكبير من انتشار فيروس كورونا الذي شاع مُؤخرًا وسط أنباء عن تفشيه في مناطق النظام، وتركيا التي أعلنت رسميًا عن انتشاره.
تروي (أم أحمد) المُقيمة في مخيم بالقرب من قرية (دير سمعان) في ريف حلب الغربي، عن الصعوبة التي عاشتها أثناء ولادتها، “حيث لا وجود لنقطة طبية في المخيم، وليس هنالك أي وسيلة نقل تقلّها إلى مشفى، ممَّا جعلها تضطر للذهاب مع زوجها على دراجته النارية ليستغرق بهم الطريق للمشفى أكثر من ساعة في أجواء باردة وماطرة وطرقات تعجّ بسيارات النازحين.”
تكمل (أم أحمد): “لم يرافقني أحد من أقاربي، فقد نزحت أكثر من ثلاث مرات منذ بداية الشتاء، ولا يوجد أحد يقف بجانبي ممَّا زاد حالتي النفسية سوءًا والدخول في حالة من الاكتئاب. “
التقت (صحيفة حبر) بأخصائية الأطفال (ربا القاسم) التي أخبرتنا أن “أغلب المشاكل لتي عُرِضت عليها مُؤخرًا لأطفال حديثي الولادة سببها إهمال الأهل أو العادات السيئة، كربط حبل السرة للوليد بخيط قطني سميك (للملاحف) فيحدث بذلك إنتان سرّة وهو من أخطر الحالات التي من الممكن أن تتسب بالوفاة للطفل، أو إعطاء الطفل الماء المضاف إليه النشاء فيظهر الطفل بصحة جيدة بينما يحدث سوء تغذية بالأشهر المتتالية، ويجب توفير الدفء الكافي لوجود حالات عديدة لوفيات الأطفال سببها البرد والتهاب القصبات.”
وتنصح طبيبة الأطفال “بضرورة فحص المولود عقب الولادة مباشرة عند طبيب مختص، لمعرفة طوله ووزنه ليتضح إذا كان لديه أي مشاكل أم لا، وبضرورة تطعيمه باللقاح الأول BSG لتلافي حدوث النزيف الدماغي.”
لكل طفلٍ الحق في أن يُسجَّل عقب ولادته، وبأن يكتسب جنسية البلد الذي ينتمي إليه، هذا ماورد في المادة السابعة من اتفاقية حقوق الطفل، لكن فقط في سورية لا حقوق للأطفال ولا وطن ينتمون إليه، ذنبهم الوحيد أنهم جاؤوا في زمن الحرب وولدوا في المخيمات وأمهاتهم يعانين أشد المعاناة يلدْن لوحدهن في مخيماتهنَّ التي تفتقر لكل شيء فضلاً عن وجود نقاط طبية تساعدهنَّ بذلك.