ترجمة: ضرار الخضر
واشنطن
تقدمت الولايات المتحدة باقتراح خطة على روسيا لإدارة ساحة المعركة في منطقة إنتاج النفط الرئيسية في سوريا، حيث تتداخل القوات السورية التي تدعمها روسيا مع تلك التي تدعمها الولايات المتحدة من فصائل المعارضة السورية.
ورفض الجنرال جوزف دنفورد الكشف عن تفاصيل الاقتراح، لكنه قال: إن الجيش الروسي حريص على إيجاد طرق لتجنب المواجهة المسلحة بين القوات الروسية والأمريكية في المنطقة المحيطة بمدينة دير الزور على نهر الفرات.
فالولايات المتحدة ترى المنطقة الواقعة بعد دير الزور أسفل وادي نهر الفرات وحتى مدينة القائم على الجانب العراقي من الحدود كساحة قادمة للمعركة الرئيسية التي تهدف لاستكمال تدمير تنظيم الدولة الاسلامية.
وقال دنفورد في مؤتمر صحفي مع وزير الدفاع جيم ماتيس: “لدينا اقتراح نعمل عليه مع الروس حالياً”، وأضاف: “لن أعلن التفاصيل لكن لدي انطباع بأن الروس متحمسون مثلنا لخوض العمليات دون أي اشتباكات بيننا ونؤكد أننا نواصل الحملة على داعش باذلين جهدنا للتأكد من سلامة مقاتلينا ما أمكن”.
وفي رده على سؤال فيما إن كان المقترح المقدم لروسيا سيعالج مشكلة تواجد الجيش السوري في دير الزور أجاب دنفورت: “نعم سيعالج هذه المشكلة، سيعالجها، فقد تحدثنا عن هذا وحددنا المنطقة المطلوبة لتنجب صراع روسي أمريكي”.
ويعتبر الدعم الروسي للحكومة السورية عاملاً معقِّداً في المعركة الهادفة للتخلص من الدولة الإسلامية في سوريا، وبدا ذلك جلياً عندما قصفت الولايات المتحدة وحدة من القوات الموالية للحكومة السورية جنوب شرق سوريا، وقال ماتيس (وزير الدفاع الأمريكي) إن الوحدة التي ضُرِبَت كانت تتقدّم بشكل تهدد فيه معسكراً للثوار قرب الحدود الأردنية حيث يتواجد مستشارون أمريكيون، وقال ماتيس للصحفيين إن الوحدة التي استهدفها الطيران كانت قوات تابعة للإيرانيين.
واستنكرت روسيا يوم الجمعة الغارات الأمريكية، فقد صرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في قبرص: “مهما كان سبب الهجوم فهو غير شرعي وانتهاك صارخ جديد للسيادة السورية”.
وبعد ثلاث سنوات من انطلاق الحملة الأمريكية يسعى الرئيس ترامب إلى تسريع الحملة للقضاء على داعش، ولم يعلن بعد عن نتائج إعادة النظر باستراتيجية الحرب على داعش التي أمر البنتاغون بإجرائها في أواخر شهر كانون الثاني، لكن ماتيس قال يوم الجمعة أن ترامب وافق على توصية “بتغيير تكتيكي” في العمل نحو مقاتلي داعش في معاقلها كمدينة الرقة السورية، بحيث لا يتمكن المقاتلون الأجانب من العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وصرّح ماتيس: “نحن نعمل على محاصرة مواقعهم بدلاً من مجرد طردهم من موقع إلى آخر ما يسمح لهم بتعزيز هذه المواقع التي ينسحبون إليها، أما لماذا نفعل هذا: فلأنَّ المقاتلين الأجانب يشكلون خطراً استراتيجياً أياً كان المكان الذي يعودون إليه إلى تونس أو كوالالمبور أو باريس أو ديترويت، فهؤلاء المقاتلون الأجانب يشكلون تهديداً بحدّ ذاتهم، لذا عندما نأخذ وقتنا بفصل القوات المختلفة التي تقاتل التنظيم منعاً لتداخلها، ثم التطويق والهجوم، ثم تنفيذ حملة إبادة، وبالتالي لا نقتلع مشكلة من مكان لنعيد زرعها في مكان آخر”.
ما يزال هناك الكثير من القتال لاجتثاث داعش من الموصل في شمال العراق، ومعركة الرقة انطلقت لتوها، لكن الخطوط العريضة للمعركة باتت واضحة تماماً، فمقاتلو الدولة الإسلامية سينسحبون من دير الزور عند تعرضها لقصف جوي عنيف إلى مدينة القائم غربي العراق. ويسمّي البنتاغون هذه المنطقة باسم وادي نهر الفرات الأوسط، وكان قادة داعش ومقاتليها الفاعلين قد تجمعوا هنالك في تحسُّبٍ واضح لخسارة الموصل أو الرقة.
وقصف التحالف مجموعة من مقاتلي داعش وآليات لهم قرب دير الزور يوم الخميس، كما ذكر مركز القيادة الوسطى يوم الثلاثاء إن غارات جوية استهدفت منشآت نفطية قرب البوكمال؛ المدينة الحدودية السورية التي تقابل مدينة القائم العراقية على الجهة الأخرى من الحدود.
وأعلن مسؤولون عسكريون إنه بعد الموصل والرقة سيبدأ الضغط العسكري على هذه المنطقة من جانب المدينتين (الموصل والرقة).
وبحسب المسؤولين العسكريين الذين يُسمح لهم بالتحدث علناً عن التفاصيل العسكرية وطالبوا بعدم الكشف عن هويتهم: ستدعم القوات الأمريكية مجموعة من المقاتلين العرب السوريين والأكراد مما يُعرف باسم قوات سوريا الديمقراطية، هذه القوة التي تقود المعارك جنوب شرق نهر الفرات من الرقة وباتجاه دير الزور، وفي نفس الوقت ستتقدم القوات العراقية –المدعومة من قِبَل القوات الأمريكية أيضاً بالمستشارين العسكريين والقوة الجوية- نحو القائم، كما ستتقدم قوة من الثوار السوريين الذين تدعمهم الولايات المتحدة جنوباً لتغلق على داعش طريق الهرب.
وتشكل دير الزور تحدياً خاصاً لأن الجيش السوري لديه قاعدة هناك والولايات المتحدة تتجنب الاشتباك مق قوات الرئيس السوري بشار الأسد باستثناء الضربة بصواريخ كروز في السابع من نيسان.
وما تزال الصورة بمجملها غير واضحة بعد إعلان الحكومة السورية هذا الشهر لتحرك جديد للجيش السوري بهدف إعادة فرض سلطتها في الشرق السوري، ومنها دير الزور ومنطقة الصحراء الممتدة قرب الحدود السورية مع الأردن والعراق، وقال رئيس الوزراء السوري وليد المعلم الأسبوع الماضي: إن “الهدف الرئيسي” هو الوصول إلى دير الزور حيث المنطقة الرئيسة لإنتاج النفط والتي سيطرت داعش على معظمها أثناء حملتها الكبرى على تلك المناطق منذ ثلاث سنوات.
بينما يمكن أن يصبح طريق إمداد وادي نهر الفرات الأوسط محور المعركة الرئيسية التالية، التي يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنها لن تكون الأخيرة، إذ ما يزال ثمة جيوب أخرى للمتطرفين في العراق، مثل الحويجة غرب كركوك.
صحيفة: واشنطن بوست ،الكاتب: روبرت برنز