جاد الغيث |
يتصل بي صديقي في آخر الليل يطلب قرضًا ماليًا لأجل قريب ليس أكثر من ثلاثة أشهر، أعرف مسبقًا أني سأعاني معه الأمرين حين يأتي موعد السداد، لكن ربما يكون في الأمر خير، فقضاء حوائج الناس من أرقى العبادات والقربات، أتردد في الرد لبضع لحظات، أشعر أن شيئًا ما يوخزني، شي ما أسفل ظهري ، أتحسس المكان، أحكه، أصدر قراري: “تكرم عينك يا حبيب”
تمر الأشهر الثلاثة، لا حس ولا خبر، هل وقع صديقي في الجب مثلاً، أم أكله الذئب؟! أحتار وأقلق وأغضب وأفكر بالاتصال به، آخر ظهور له كان منذ وقت قريب، أتصل عليه، يرن الهاتف كثيرًا، لكن لا مجيب، ويعاودني الشعور بالحكة في أسفل الظهر، أحك بعصبية وأغادر البيت مؤجلاً الموضوع لأيام.
تمر أشهر جديدة، ألقى صديقي صدفة في مكان ما، ينزل من سيارته، يحضنني بشوق وهيام، يتجنب الحديث عن المال، لا أجد الوقت مناسبًا، ربما حياء وربما سوء اهتمام، لأشعر بحكة شديدة في ذات المكان، شيء غريب ما يحدث معي هذه الأيام!
يسافر صديقي بعد عام، هل نسي أن يودعني؟ ربما فالإنسان من طبعه النسيان، لكن ماذا بشأن المال؟! هل أعاده لي في عالم الأحلام؟! الحكة تبدو مزعجة جًدا، هذه المرة أهرش جلدي بعنف حتى أرى أثر دم بين أصابعي! أقرر زيارة الطبيب لعل لديه دواء يزيل تلك الحكة اللعينة.
أنتظر ساعة وأكثر، يأتي دوري وأصافح طبيبي وأظنه حبيبي، أشرح له أمري، فيتعجب بالحال، ويكثر من السؤال، هل لديك حساسية جلدية؟ هل تأكل الفلفل الحار؟ هل تتعرض لنوبات عصبية ! وفي كل مرة يكون جوابي: لا، غريب ما حكاية هذه الحكة؟ وكيف السبيل إلى الخلاص؟!
يتحسس الطبيب مكان الحكة، يصرخ باستغراب ودهشة: “يا عزيزي هناك ذيل صغير قد ظهر مكان الحكة، كيف لا تشعر به البتة؟!
تحسست المكان فعلاً، إنه ذيل إنسان أقرب ما يكون لذيل الحصان!! أحتاج زيارة طبيب جراح عله يستأصل ذيلي قبل الانفصاح.
لم ينصحني بذلك الطبيب، وقال لي: “هذا أمر في الطب جدًا عجيب وغريب، انتظر أيامًا وتعال إليَّ قبل المغيب.
خلال أيام الانتظار صار ذيلي تمامًا كذيل الفرس، بل بصراحة كذيل الحمار، عرفت أن في القصة شيء مبهم، ولعلها إشارة، واللبيب من الإشارة يفهم.
بالصدفة، دق الباب جاري، جاء يسأل عن أخباري، وفي آخر اللقاء، طلب مني كثيرًا من المصاري! صرخت في وجهه ، ونزعت ثوبي، وصرت أمامه عاري، انظر جيدًا يا جاري، هل ترى لي ذيلاً، أم تظنني حمارًا بالي؟!
لن أعطيك المصاري، لن أعطيك المصاري، واخرج أيها الوقح من داري، هيا اخرج من داري،
كنت أصرخ بصوت عالٍ، جاءت زوجتي تهزني: “أصحى يا زلمة، خير، خير، ليش صوتك عالي، وشو قصة المصاري؟!”
تحسست أسفل ظهري وأنا أروي لزوجتي خبري، فضحكت لتزيل قهري، وقالت: “ومن طلب منك مالاً يا مسند ظهري؟”
أجبتها صديقي (فخري)، فقالت: “طنشه ، ولا ترد عليه، وإن اتصل بك أو جاءك، فقل له: لا يا فخري، لقد كسر المنام ظهري، ولن أعطيك مالاً، مراعاة لمقامي وقدري، فهل تحب أن أصبح حمارًا؟! بالطبع لا، أليس كذلك يا فخري، انظر جيدًا، هل ترى لي ذيلاً، أو شيئًا ما قد نبت أسفل ظهري.”