ترجمة: ضرار الخضر
من بين الأقوال البليغة المعروفة كلمة للحكيم بانغي بوغا العظيم القول المأثور: “عندما تصل إلى مفترق الطرق فاعتبر”، وهو مثل يعني: (عندما تواجه تحديا مصيريا فكن جادا وحازما وفكّر مليا).
اعتقد الرئيس ترامب بداية أنه بوسعه تجنب مفترق الطريق الذي صنعه نظام الأسد باستخدامه الأسلحة الكيمائية في سوريا عبر إلقاء اللوم على جريمة فشل باراك أوباما بفرض خطه الأحمر قبل أربع سنوات، لكن لحسن الحظ يبدو أنه قد أعاد النظر في هذا.
استهل السيد ترامب رده يوم الثلاثاء بإدانة الهجمات التي وصفها بأنها شنيعة ومستهجنة، وأضاف إنّ أطفال سورية ما كانوا ليموتوا هذه الميتة الشنيعة والمؤلمة لو أن السيد أوباما نفّذ تحذيراته إزاء استخدام الأسلحة الكيميائية في هذه الحرب الأهلية؛
مما جعل احتمال أن يستخدم الرئيس فشل أوباما كذريعة لتجنب العمل وارداً.
وقال السيد ترامب في مؤتمر صحفي مشترك عقده الأربعاء مع العاهل الأردني عبد الله إن الهجمات على المدنيين السوريين وبالذات على “الأطفال الصغار الأبرياء” يخرق “العديد من الخطوط الحمراء عندي” وتابع: “تقع المسؤولية على كاهلي الآن، وسأتحمل مسؤوليتي بكل اعتزاز”.
من المسلّم به أن السيد أوباما قد اتخذ بعض الخيارات بعيداً عن السيد ترامب، فما وصفه وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري بأنه عمليات “من نوع صغير ومحدود للغاية” لم يكن كافياً للوفاء بوعيده: “محاسبة بشار الأسد”، بالتأكيد ثمة حاجة إلى شيء أبعد أثراً، لكن وجود روسيا في سوريا يجعل الوضع أكثر إشكالية، أما الخروج من الأزمة عبر اتفاق آخر للتخلص من أسلحة سورية المروعة بصورة سلمية فلم يعد ممكناً.
فلنأمل أن يعيد السيد ترامب تقييمه لتصريحات أعضاء إدارته الأخيرة والتي أشاروا فيها إلى استعداد الولايات المتحدة للتعايش مع نظام الأسد، والتي قد يكون السوريون –وداعموهم الروس والإيرانيون- قد فسروها على أنها إشارة تسمح لهم بمواصلة إرهاب السكان، وكان الأطباء والناشطون في منطقة إدلب قالوا (حيث وقعت هجمات الثلاثاء) إن هنالك زيادة في استخدام الأسلحة الكيميائية منذ نهاية 2016.
بالنسبة لعدد كبير من السوريين الذين يرون أن الأسد ليس أفضل من داعش ربما يعتقدون أن إدارة ترامب أعطته الضوء الأخضر، فقبول هذه الإدارة الواضح للأسد لا بد وأنه وقع على حلفائنا العديدين وكذلك حلفائنا المحتملين وقوع الصاعقة، فقد اعتقدوا أن الرئيس الأمريكي الجديد كان قائداً جديداً وصلباً وسيقف ضد إيران خلافاً لسلفه.
السيد ترامب يحتاج الآن إلى أن يدعم كلمات الأربعاء القوية، وبصفته رئيساً فإن تصريحاته ذات وزن غير مسبوق، فقادة العالم يتخذون قرارتهم المصيرية بناءً على النوايا التي تحملها طيات كلماته، وما لم تتوافق أفعاله مع أقواله فإن الحلفاء الوثيقين سيخلصون إلى أن السيد ترامب ضعيف مثل سلفه، الأمر الذي سيضر بالمصالح الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة والعالم.
وكما هو الحال في معظم هذه الحالات، فإن ملابسات القضية ليست واضحة تماماً بعد، ويدّعي الروس أن الطائرات السورية استهدفت متمردين كانوا يصنعون قذائف سامة، وهي رواية غير مقنعة إلا أن الحقائق بحاجة إلى التحقيق لكشفها.
بينما يجري التحقيق لا يجب أن تضيع إدارة ترامب الوقت على أمل أن تتلاشى المشكلة، وإنما يجب استغلاله لإعداد خطة عمل لإنهاء هذه الهجمات الوحشية وإعادة السلام إلى سوريا، وهذه ليست بالمهمة السهلة.
في الواقع فإن سياسة ترامب الخارجية تواجه أول مفترق طرق جدّي ويبدو الرئيس مستعدا لتحمل العبء، وينبغي أن يأمل كل الأمريكيين ألا يفشل.
صحيفة وول ستريت جورنال
الكاتب: بول وولفويتز، الباحث في معهد انتربرايز الأمريكي، وعمل كنائب لوزير الدفاع الأمريكي، وسفيرا للولايات المتحدة في اندونيسيا.