يتحاربون كحقٍ وباطل، ثمَّ يسمُّون ما يقومون به اقتتالاً، وكأنَّها فتنة، ويبدؤون بسفك الدماء وطلب تحكيم الشريعة فيما بينهم، وتتعالى أصوات شيوخهم ومدعي العلم بين صفوفهم، لضرورة وقف إراقة دماء المسلمين، وكأنَّ إراقة دماء غير المسلمين أمرٌ مباحٌ بغير حق، وهذا ما يتوصلون له فيما بعد، عندما يكفِّرون بعضهم سراً وعلانية، من أجل استباحة الدماء والأموال والأعراض، في جريمة سوداء كلونهم القبيح، تستطيل لتمتدّ إلى مصادرة حريات الناس واعتقاداتهم.
أيُّ بدعةٍ هذه، وأيُّ اقتتال، وأيُّ حمقى هم من يجعلون من أنفسهم قوات فصل، وأمراء صلح، وكأنَّ ما يجري هو بغيٌ يُردُّ صاحبه حتى يقف على الحق.
ما يجري هي حرب بين حقِ وباطل، والوقوف إلى جانب الحق من أوجب الواجبات، ومحاربة الباطل من أعظم الفروض، وكلُّ من يسعى للسلام بين الحق والباطل، إنَّما يريد للناس أن تستمرئ معصية الله، وأن تتعلم السكوت عن الظلم، وأن ينتصر الباطل، ويُخذل الحق.
لقد تعودنا على تسمية حروبنا مع الأعداء اقتتالاً، فمنحناهم شرعية وحصانةً من حيث لا ندري، واعتبرناهم أخوةً لنا فكبُرت دماء الظالمين في أعيننا، وهانت دماؤنا أمام سيوفهم، يقتلوننا ولا نقتلهم، ينهبون مال الناس وينتهكون حريتهم، ونصمت عنهم، بدعوى وجوب وقف الاقتتال، وليس أوجب من متابعة حربهم حتى استئصالهم، أو يفيؤوا للحق منصاعين لسيفه، لا لتحكيمٍ بينه وبين الباطل يجعلهما سواء.
إنَّ القول بالاقتتال بين الحق والباطل بدعة، وممالاة الظالمين جريمة، والسكوت عن مقالة الحق ضلال، وكلّ ذلك إلى النار …
فهل أنتم منتهون؟!
المدير العام | أحمد وديع العبسي