للحبِّ رائحةٌ وليس بوسعها ألا تفوحَ مزارعُ الدُّرَّاقِ
نزار قباني
وكما أنَّ للحبِّ رائحةً ذكية لا يشعر بها إلا العاشقون، فإنَّ للعلاقاتِ الخسيسة روائح، وليس بوسعها ألا تفوح مستنقعات الوحل، ويبدو أنَّ تلك الرائحة الكريهة التي ربطت بين وزيرة الشؤون الاجتماعية كندة الشماط والنمر الوردي سهيل الحسن قد وجدت طريقها إلى أنف بشار الأسد، ففتح درجه الخاص وأخرج كلَّ ما لديه من ملطّفات الجوّ، وأصدر قرارًا بإقالة الوزيرة القديرة، ولكن الرائحةَ ما زالت تزعجه، فقد تسربت في خيوط ثيابه.لم يتمالك (بشاريار) أعصابه وهو يرى حضنًا غيرَ حضنه ينافسه على امرأة، وإن كانت بلا طعمٍ وبلا لون، فكلُّ الهزائم القاسية والضربات الموجعة التي تلقاها جيشه الفارسي العربي بكفة وهزيمته النسائية وصدمته العاطفية بكفة ثانية، فقد اعتاد (بشاريار) أن يستلقيَ كالدبِّ في فصل الشتاء على أجساد عشيقاته، ليسرّحنَ شعره ويدلّكن ظهره، ويقصصن أظفاره وحكايا ما قبل النوم، ولم يتخيل يومًا أن يشاهدَ رأسَ امرأةٍ على صدرٍ غير صدره، فهو وحده صريع الغواني ذو العينين الزرقاوين اللتين تتسعان لكل نساء الوطن. ولذلك فإن مشهد احتضان (كندة زاد) لحبيبها الجديد جرحَ عواطفه وحرَّك مكامنَ غيرته، واعتبره تحديًا سافرًا لذكورته ورجولته وفحولته وفروسيته، باعتباره (الدَّكر) الأخير الذي سينقذ الأمة من عنوستها وينجب منها ولي العهد المنتظر!وعلى الرغم من أن (بشاريار) يؤمن إيمانًا نظريًا بالمتعة إلا أنَّه يرفضها عمليًا رفضًا قاطعًا، فإنَّ أساس الحبِّ عنده هو امتلاك النساء امتلاكًا كاملًا، امتلاك الروح والجسد والإرادة، وربما تستغربون إنْ عرفتم أنَّ هذا المبدأ عنده لا يتعلق بالمرأة فقط، وإنما ينسحب على جميع الممتلكات التي ورثها عن أبيه (حافظ يار).والمضحك أن (بشاريار) لم ينتقم من غريمه ولم يوجه إليه كلمة تجرحه، كما كان يفعل ابن زيدون مع منافسه على قلب ولادة، لأن سهيل الحسن شخصية أساسية ولن ينتهي منها إلا بعد انتهاء دورها، فكل اللوم على العاشقة المتيمة الولهانة كندة الشماط التي لم تستطع أن تلعب دور الفتاة الفارسية (شهرزاد) لتمتلك قلب (شهريار) المصاب بالشيزوفرينيا، فباتت امرأة منتهية الصلاحية، ليس لها بعد السرير إلا المقصلة.