محمد نور يوسف |
“كنا نأكل من موادها ونبيع جزءًا منها كي نشتري بعض الأشياء الضرورية حتى نكمل الشهر، لكن اليوم بعد توقف توزيع المعونة أصبحنا نشتري كل المواد الغذائية من البقاليات رغم غلاء سعرها، وأصبحت الديون تلاحقنا حتى في منامنا.” هكذا تكلم أبو ياسر من هجري مدينة حلب بسبب توقف تقديم سلة المعونة الغذائية في مدينة إدلب رغم كثرة المهجرين والفقراء فيها، في ظل ظروف قاسية جداً تبدأ من قلة فرص العمل وانتشار الفقر وغلاء في البضائع.
يوجد عائلات في مدينة إدلب تعتمد على سلة المعونة في طعامها بسبب الفقر، فإن قُطعت السلة عنهم أصبحوا جياعًا، هذه حقيقة وليست من الخيال، تقول أم هيثم: “كنت أستلم المعونة كل شهر، نأكل منها أنا وأولادي الأيتام، لكن اليوم أصبحنا نسأل الناس والجيران حولنا.”
تأخر تسليم سلة المعونة الغذائية أصبح حديث الناس ولسان حالهم يقول: هل ستعود سلة المعونة أم أننا حُرمنا منها؟ وما هو سبب توقفها في هذه الظروف؟
صحيفة حبر السورية قامت بإجراء عدد من اللقاءات مع الجهات المسؤولة عن توزيع الإغاثة في مدينة إدلب لتبيين حقيقة الأمر؟
(أبو أحمد الحلبي) مسؤول مكتب مهجري أهالي حلب في مدينة إدلب يقول: “المنظمة الوحيدة التي كانت تقدم المعونة الغذائية لأكبر فئة في مدينة إدلب هي منظمة بنفسج، لكنها توقفت عن تقديم السلة منذ 29/ 9/ 2018 ولم تُوزع بعدها لأي مكتب من مكاتب المهجرين في مدينة إدلب.
بشكل يومي يأتينا كثير من المراجعين ليسألوا عن سلة المعونة وسبب توقفها، لكننا نجيبهم أن المنظمة الداعمة هي من أوقفت التوزيع ونحن ليس لنا علاقة. لن أبالغ إذا قلت لكم إن هناك مراجعين يبكون أمامنا بسبب توقفها وخاصة فئة الأرامل والمصابين، فبعضهم يبيع المعونة لكي يدفع آجار المنزل.
نحن في مكتب حلب تواصلنا مع عدة منظمات لدعم أهالي مدينتنا، لكن للأسف معظم هذه المنظمات التي تواصلنا معها ليس لها أي مشروع في مدينة إدلب، بعضهم يستطيع تنفيذ مشاريع ضمن المدينة لكن لم يفعلوا، وأعتقد هناك أسباب شخصية وراء هذا الأمر.
يوجد بعض التوزيعات في مديرية الإغاثة بإدلب لكن من غير منظمات، وهي لا تستهدف كل الجميع إنما فئات معينة فقط ربما بسبب وجود داعم لهم.
منظمة بنفسج قامت منذ فترة بتوزيع وصل قيمته 140 دولار لشراء لباس وسجاد وأغراض تدفئة، واستهدفت فئة الأرامل والمصابين من أهل إدلب فقط وبعض مهجري الساحل ومهجري حي الوعر من ريف حمص الشمالي، أما باقي المهجرين فلم يأخذوا شيئًا.
يجب على مديرية الإغاثة أن تفرض التوزيع العادل على المنظمات ليتم التوزيع بالعدل على الجميع، ويجب ألا يكون التوزيع ضمن المعايير فقط، ففي مناطق النظام جميع العائلات تأخذ معونة شهرية، ووفق معايير منظمة بنفسج هناك عائلات حلبية لا تنطبق عليها ولم تأخذ أي سلة معونة منذ سنتين إلى الآن!”
(أبو مهند) المدير العام للإغاثة في مدينة إدلب قال:
“جميع السلات الإغاثية سواء الغذائية أو العينية تأتنا من تركيا عن طريق المنظمات والمصدر هو الأوتشا. في الفترة الماضية منذ أربعة أشهر كانت آخر توزيعة على المستحقين في مدينة إدلب ثم توقف التوزيع، أعتقد أن معظم المنظمات تتوقف في هذا الوقت بسبب الجرد. حاليًا يوجد توزيع للمعونات في الأرياف ومن ضمنها منظمة بنفسج وغيرها، لكن كله خارج مدينة إدلب.
المنظمات التي تقدم معونة سواء غذائية أو عينية كثيرة، لكن هناك اهتمام في المناطق الحدودية التي يوجد فيها مخيمات أو مراكز إيواء لحاجة هذه المناطق بسبب البرد والفيضانات التي حصلت مؤخراً.
نحن لا نملك شيئًا لكي نقدمه للناس، لكننا ننظم أمر التوزيع ونعدُ المراجعين الذين يأتون لسؤالنا عن المعونة بوعود المنظمات لنا، وعلى كلامهم أنه ستعود المعونات في الشهر الثاني وستكون هناك مشاريع دعم كثيرة لا تقتصر على السلة الغذائية والأمور للأفضل.
كانت منظمة بنفسج توزع لمدينة إدلب 37 ألف سلة غذائية بشكل شهري، لكن الآن توقف مشروع بنفسج وهذا انعكس سلباً على حياة المهجرين والفقراء.
يقول بعض الناس إن إدلب محرومة من الإغاثة بسبب الخلافات بين الفصائل التي حدثت مؤخراً فهل هذا الاكلام صحيح؟
“هذا كلام إشاعات فقط، ولا يوجد شيء من هذا الكلام والآن كل المواد التي تدخل إلى المناطق المحررة تأتي عن طريق الحكومة وتدخل إلى الريف والمدينة.
بشكل عام هناك حالات استجابة سريعة للمخيمات التي تعيش ظروفًا صعبة ولهم أولوية، فالمنظمات تهتم بالناس النازحين الجُدد”
وقد قمنا بزيارة (مالك الزير) مدير إداري في منظمة بنفسج ليخبرنا عن سبب توقف المعونة فقال: “وزعت منظمة بنفسج آخر مرة في نهاية الشهر التاسع.
موضوع إيقاف المعونة أو توزيعها يأتي من الخارج من المنظمات في تركيا، نحن من جهتنا تواصلنا مع الجهات الداعمة لكن كان الجواب أن العقد قد انتهى أما باقي المشاريع الأخرى لم تتوقف وهناك توزيع سلال معونة في خارج إدلب.
منذ فترة وزعنا 2000 كوبون بقيمة 140 دولار لكي يشتري المستفيد ألبسة ومواد للتدفئة.
نحن نتمنى من الجهات الداعمة أن تعود للعمل في مدينة إدلب بسبب الفقر عند معظم الناس والحاجة الماسة لهذه السلة وغيرها من مواد إغاثية، لكن الدعم بشكل عام قليل.”
“لم تكن سلة المعونة (بحصة تسند جرة) بل كانت الجرة التي يعتمد عليها كثير من المهجرين والفقراء بسبب ظروف الحرب، فهل ستصدق المنظمات في وعودها وتسعف الجياع أم ستتركهم فريسة سهلة أمام وحش المجاعة القادم؟