يبدو أن الأزمة لمَّا تنتهِ، فبعد أن صرح الرئيس التركي أنه قدم تسجيلات صوتية إلى أمريكا وألمانيا وفرنسا والمملكة السعودية حول قضية مقتل الصحفي السعودي بات واضحاً أن السعودية تحاول التملص من الاتهام بشتى الوسائل، فبين نفيهم لمصيرها وتصريحات سعودية بتسليمها ضاعت جثة خاشقجي، وتشابكت خيوط القضية وغدت أكثر تعقيداً.
الكل يسعى لمعرفة الحقيقة، فترودو رئيس وزراء كندا ناور مذيعة قناة سي إن إن، وأصر على معرفة الحقيقة قبل اتخاذ عقوبات بإلغاء صفقة عربات مدرعة بقيمة 15 مليار دولار بشرط جزائي مليار دولار، في حين أن ترامب ضمن حصته مبكراً ودون خجل بمبلغ 100 مليون دولار في اول أيام القضية رصدتها الصحف الامريكية.
أما الدول الأوربية فموقفها اقتصر على التنديد والشجب والمطالبة بتوضيح الحقائق قبل اتخاذ أي اجراء ربما يضر بمصالحهم الاقتصادية قبل مصالح السعودية ، أما بوتين فقد بدا مرتاحاً لابتعاد أنظار العالم عنه قليلاً وتوجهها نحو قضية رأي عام غير الحرب في سورية، وكالعادة فإن حسن نصر الله انتهز الفرصة ليسوق الوجه الأسود للسعودية في اليمن وجرائمها هناك متناسياً جرائمه في سورية.
وازدادت تداعيات الأزمة بعد أن ألغت مصارف وشخصيات عدة حضورها مؤتمر الاستثمار في الرياض المعروف بدافوس الصحراء نسبة لمؤتمر دافوس الاقتصادي الذي بدوره تبرأ من مؤتمر الرياض.
وقد شهد المؤتمر انسحاب عشرات الشخصيات المالية ومنها مديرة صندوق النقد الدولي لاغارد ورئيس البنك الدولي جيم كيم، ووكالات وصحف كنيويورك تايمز وسي إن إن وايكونوميست، ناهيك عن شركة فيرجن التي كان سيتولى رئيسها ريتشارد برانسون إدارة مشروعين سياحيين في منطقة البحر الأحمر من مشروع مدينة نيوم الذكية التي كانت محطة ترويجية كبيرة لشخصية ولي العهد.
وألغت شركة هاربر غروب للعلاقات العامة عقداً بقيمة 80 ألف دولار شهريا والتي تقوم بتحسين صورة المملكة عالمياً، حتى شركات هوليود لوحت بإمكانية إلغاء عقد بقرابة 400 مليون دولار في صفقة سعى ابن سلمان من خلالها للاستحواذ على شركة انديفور.
وقد صرحت الممثلة الامريكية سكارليت جوهانسن للغارديان رفضها المشاركة في فليم ربما يموله ابن سلمان، وعللت ذلك بأنها ترفض أن يرتبط اسمها في بلد تزَج فيه النساء في السجون، وعلى إثر هذه التصريحات انسحب ابن سلمان من تمويل الفيلم.
ولم يقتصر الأمر على الممثلين فقط بل أدى أيضاً إلى تأجيل عدة شركات ودور عرض أعمالها حتى تتضح الصورة فمن غير اللائق على حسب تعبيرهم افتتاح أعمال عالمية تحت رعاية ابن سلمان المرتبط مباشرة بالجريمة.
وعلى الرغم من كل ما حدث وما تلاه من تداعيات سياسة واقتصادية وتذبذب في سعر صرف الريال، يُجمع الكثيرون على أن ما حدث يصب في مصلحة ابن سلمان لسببين اثنين:
أولهما: إعفاء مسؤولين كبار في المملكة أولهم نائب رئيس الاستخبارات ومستشار من منصبهم في الديوان الملكي مما أعطى الضوء الأخضر لولي العهد بتشكيل لجنة برئاسته لإعادة هيكلة الاستخبارات العامة على هواه.
أما السبب الثاني فقد أصبح بإمكان ولي العهد تقديم الجناة الثمانية عشر للقضاء ومحاكمتهم دون أن يكون مرتبطاً بهم، وبالتالي سيلمّع صورته كمناصر للعدالة وحقوق الصحفيين.
ولهذا قام الملك سلمان وولي العهد بجولة داخلية في المملكة بدأها في القصيم وعلى إثرها شهدت مواقع التواصل في المملكة حملة مناصرة تمجد الملك وولي العهد كما حاول الإعلام السعودي وبعض القنوات العربية تسويق القضية على أنها مؤامرة تستهدف استقرار المملكة.
فريق التحرير