ندى اليوسف |
رغم وجود التنسيق بين المنظمات الإنسانية والمجالس المحلية لرفع أسماء المستحقين من أصحاب البلد والنازحين إليه إلا أنَّ الأمور ليست بالشكل الذي يُرضي هموم النازحين ويُسدي إليهم مستحقاتهم بأمانة وإكرام، فحال النازح اليوم يشكو مرارة النزوح وفي عينيه دمعة تساؤل وحيرة: أين حقي من الإغاثات؟! إذ ثمة جزء من النازحين وقعوا ضحية طمع بعض المجالس المحلية بسبب فسادها وعدم كفاءتها في إيصال المساعدات المستعجلة للنازحين.
وللوقوف عند هذا الأمر صحيفة حبر التقت النازح من ريف أريحا إلى قرية ملس في ريف إدلب الشمالي (مأمون كوبية) الذي يعاني من إهمال المجالس المحلية هناك، يقول (كوبية): “أسكن في غرفة لا منافع لها، قدمها لي أحد وجوه الخير من القرية دون أجر، وهذا خفف عليَّ بعض معاناتي، لكن إلى الآن لم أحصل على أي مساعدات ولا إغاثات طوارئ، وذلك بسبب تجاهل المجلس المحلي لوضعي، لاسيما أن أحد أقاربي في إحدى القرى تلقى مساعدات مستعجلة، فأين حقنا نحن؟!”
ومن خلال اطلاعنا ومتابعتنا للموضوع تبين لنا اتباع بعض المجالس المحلية أساليب متنوعة في حرمان النازحين من المساعدات المخصصة لهم، وذلك من خلال تزوير الثبوتيات، كتزوير دفتر العائلة والهوية للمقيمين ليصبحوا من المهجرين وليس من المقيمين؛ للحصول على مساعدات المهجرين.
ولتوضيح ذلك التقينا (أنس محمد اليوسف) أحد مقيمي قرية ملس حيث أوضح ذلك بقوله: “هناك منظمات عديدة تقدم إغاثات إنسانية، أهمها (شفق، وبنفسج، وغول) من خلال معايير محددة وضعتها بالتعاون مع المجالس المحلية للمقيمين والنازحين القدامى الذين يعدون من أهل القرية، إذ إن شروط المقيم يجب أن تنطبق عليهم، ومنها عدد أفراد العائلة، أو أن يكون الأب متوفى، أو أن يكون هنالك معاقون، وحددت مرات الاستفادة ب١٦ مرة فقط، ثم تُجدد بشكوى ترفع.”
وفيما يخص الظلم الحاصل أضاف (اليوسف): “سبب الظلم عدم اختيار الأكفاء وأهل الصلاح، فالموجودون حاليًا يقومون بالتزوير وتقديم الاستفادة لأقربائهم، وتزوير أسماء وهمية على أنهم نازحون، فيقبضون الشكات الشهرية والسلل الغذائية المخصصة للنازحين”
(أبو حسن) نازح من قرية الشريعة، فقد أولاده الثلاثة، تحدث لحبر عن معاناته: “رغم قيام منظمات عديدة بتقديم وسائل تدفئة إلا أننا لم نحصل على أي شيء منها، فلجأت إلى قطع الحطب من الجبل، وذلك بسبب إهمال المجلس المحلي للقرية.”
وأضاف معاناة أخرى له مع المجلس: “في موسم قطاف الزيتون، قامت منظمة بطلب عدد معين من العمال لتوظيفهم في القطاف، إلا أن المجلس رفع أسماء من مقيمي القرية، وقسم من المهجرين المقربين له، بعدما قام بإخفاء هذا البند على المهجرين، وأيضًا عندما قامت بعض المنظمات بتأمين المياه للنازحين؛ قام المجلس بتزوير أسماء أهالي القرية على أنهم نازحون للحصول على المياه التي هي من حق المهجرين”.
ولاكتمال المشهد صحيفة حبر التقت (محمد شعبان) مدير بلدية (ملس) وأحد أعضاء المجلس المحلي الذي أفادنا بقوله: “إن عمل المجلس يتم من خلال التعاون مع المنظمات التي تطلب منا إحصائية عدد النازحين الجدد والقدامى، بالإضافة إلى مقيمي البلد من أصحاب الحاجة”.
وأكمل شعبان: “مع تزايد وتيرة القصف والهجمة الشرسة لقوات النظام، ونزوح عدد كبير من الناس، طلبت المنظمات إحصائية مستعجلة لتقديم إغاثات طوارئ لهم.
ومن ناحية وقوع ظلم للنازحين نعم موجود، لكن ليس فقط من جهة المجلس، بل يكون إما من جانب المنظمات والمعايير التي تفرضها ولاسيما على النازح القديم، أو من جهة عناصر المجلس في تقييم المعايير المنصوص عليها في سياسة المنظمة، ووفقاً لمصداقية النازح في إعطاء البيانات والتفاصيل”.
وأوضح محمد شعبان لحبر : “نسبة التزوير من قبل المجالس المحلية أو بالتحديد من قبل بعض أعضاء المجلس قد تصل إلى 40%، لاسيما بأن البعض يقوم بابتزاز النازح إذا كان لديه أكثر من دفتر عائلة ومقاسمته على حصته.”
هذا ومن جانب آخر أوضح: “أن التزوير ليس من قبل المجلس فحسب بل من النازح نفسه، إذ يقوم بعض النازحين بتزوير بيانات للحصول على مساعدات أخرى غير المخصصة له”.